العدد - قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزودُ لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، فيتزودُ لمثلها، حتى جاء الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. فقال:((ما أنا بقاريء))، قال:((فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ فقلتُ: ما أنا بقاريء، فأخذني فغطني الثانية، حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ. فقلتُ: ما أنا بقاريء. فأخذني فغطني الثالثة، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال:{اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم. علم الإنسان مالم يعلم}. فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة، فقال: ((زملوني زملوني)) فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر:((لقد خشيت على نفسي)) فقالت خديجة: كلا، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق ثم انطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل، ابن عم خديجة. فقالت له: يا بن عم! اسمع من ابن أخيك.
ــ
وأمر بالاستعاذة برب الفلق لأنه ينبيء عن انشقاق ظلمة عالم الشهادة، وطلوع تباشير الصبح، بظهور سلطان الشمس وإشراقها الآفاق، كما أن الرؤيا الصالحة مبشرات تنبيء عن وفود أنوار عالم الغيب وآثار مطالع الهدايات، شبه به الرؤيا التي هي جزء يسير من أجزاء النبوة، وتنبيه من تنبيهاتها لمشتركي العقول على ثبوت النبوة، لأن النبي إنما سمي نبيًا لأنه ينبيء عن عالم الغيب الذي لا تستقل العقول بإدراكه.
((مح)): قالوا: إنما ابتديء صلى الله عليه وسلم بالرؤيا لئلا يفجأه الملك ويأتيه صريح النبوة بغتة فلا تحتملها القوى البشرية، فبديء بتباشير الكرامة وصدق الرؤيا استئناسًا.
والحراء: بكسر الحا، المهملة وتخفيف الراء وبالمد، وهو مذكر مصروف هذا هو الصحيح، وقيل: مؤنث غير مصروف.
قال القاضي الزاهد صاحب [لثعلب] والخطابي وغيرهما: يغلط العوام في ((حراء)) في ثلاثة مواضع: يفتحون الحاء وهي مكسورة، ويكسرون الراء وهي مفتوحة، ويقصرون الألف وهي ممدودة.
وهو جبل بينه وبين مكة ثلاثة أميال عن يسار الذاهب من مكة إلى منى.