قاموس البحر, هات يدك أبايعك على الإسلام, قال: فبايعه. رواه مسلم.
وفي بعض نسخ ((المصابيح)): بلغنا الناعوس البحر.
وذكر حديثا أبي هريرة وجابر بن سمرة ((يهلك كسرى)) والآخر ((ليفتحن عصابةٌ)) في باب ((الملاحم))
ــ
وكذلك رواه مسلم في كتابه وغيره من أهل الحديث وقد وهموا فيه, والظاهر أن سمع بعض الرواة أخطأ فيه فروي ملحونًا, وهذه هي الألفاظ التي لم تسمع في لغه العرب والصواب فيه ((قاموس البحر)) وهو وسطه ومعظمه, من القمس وهو الغوص, والقماس الغواص.
أقول: قوله: ((بلغنا)) خطأ إن أراد به من حيث الرواية فلا ننكره لأنا ما وجدناها في الأصول, وإن أراد بحسب المعنى فمعناه صحيح أي: قد وصلنا إلى لجة البحر ومحل اللآلئ والدر فيجب أن نقف عليه ونغوص فيه استخراجًا لفوائده والتقاطًا لفرائده.
ومعنى قوله: ((بلغن)) أن كلماتك قد بلغت في الفصاحة والبلاغة الغاية القصوى بحيث لم ير لأحد من الفصحاء مثله.
فعلى الأول: قوله: ((قاموس البحر)) استعارة مصرحة لأن المشبه وهو الكلمات غير مذكورة في هذه الجملة, وعلى الثاني تشبيه واقع على سبيل التجريد لذكر المشبه والمشبه به.
وقوله: ((ناعوس البحر)) أيضًا خطأ وليس بصواب, إما رواية، فقد فقال الشيخ محيى الدين في شرح صحيح مسلم: ناعوس البحر ضبطناه بوجهيين أشهرهما بالنون والعين هذا هو الموجود في أكثر نسخ بلادنا, والثاني: قاموس البحر بالقاف والميم, وهذا الثاني هو المشهور في روايات الحديث في غير صحيح مسلم.
قال القاضي عياض: وروى بعضهم ((ناعوس البحر)) بالنون والعين, وقال شيخنا أبو الحسن: ((ناعوس البحر)) بمعنى القاموس.
((نه)): قال أبو موسى: ((ناعوس البحر)) كذا وقع في صحيح مسلم, وفي سائر الروايات ((قاموس البحر)) وهو وسطه ولجته, ولعله لم يجود كتبته فصحفه بعضهم, وليست هذه اللفظة أصلا في مسند إسحاق بن راهويه الذي روى عنه مسلم هذا الحديث, غير أنه قرنه بأبي موسى وروايته فلعلها فيها, قال: وإنما أورد نحو هذه الألفاظ؛ لأن الإنسان إذا طلبه ولم يجده في شئ من الكتب فيتحير فإذا نظر في كتابنا عرف أصله ومعناه.
وإما دراية: فقال القاضي ناصر الدين: ((ناعوس البحر)) معظمه ولجته التي يغاص فيها لإخراج اللآلئ, من نعس إذا نام, لأن الماء من كثرته لا تظهر حركته فكأنه نائم.