لأول رجل من العرب رمي بسهم في سبيل الله، ورأتينا نعزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومالنا طعام إلا الحبلة وورق السمر، وإن كان أحدنا ليضع كما تضع الشاة ماله خلط، ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الإسلام، لقد خبت إذاً وضل عملي، وكانوا وشوا به إلى عمر، وقالوا: لا يحسن يصلي. متفق عليه.
٦١٢٩ - وعن سعد قال: رأيتني وأنا ثالث الإسلام، وما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثالث الإسلام. رواه البخاري.
ــ
قوله:((إلا الحبلة وورق السمر))
قال أبو عبيد: هما ضربان من الشجر.
وقال ابن الأعرابي: الحبلة ثم السمر شبه اللوبيا.
وقيل: الحبلة ثم العضاة.
ومعنى قوله:((كما تضع الشاة)) أن نجوهم يخرج بعراً ليبسه وعدم الغذاء المألوف.
((وماله خلط)) أي ما يختلط بعضه ببعض لجفافه ويبسه. و ((إن)) في ((إن كان)) هي المخففة، واللام هي الفارقة.
قوله:((تعزرني)) ((نه)): التعزيز الإعانة والتوقير والنصرة مرة بعد أخرى، وأصل التعزير المنع والرد، وكأن من نصرته قد رددت عنه أعداءه ومنعتهم من آذاه، ولهذا قيل للتأديب الذي هو دون حد التعزير لأنه يمنع الجاني أن يعاود الذنب فهو من الأضداد، ومنه حديث سعد:((لقد أصبحت بنو أسد تعزرني على الإسلام)) أي توفقني عليه، وقيل: توبخني على التقصير فيه.
أقول: عبر عن الصلاة بالإسلام، كما عبر عنها بالإيمان في قوله تعالى:{وما كان الله ليضيع إيمانكم} إيذاناً بأنها عماد الدين ورأس الإسلام.
وأراد بقوله:((لقد خبت إذا وضل عملي)) أي مع سابقتي في الإسلام وقدمي في الدين [إذا لم أحسن الصلاة وأفتقر إلى تعليم بني أسد إياي أكن خاسراً صالاً.
قوله:((وشوا به)) يقال وشى به يشي وشاية إذا نم عليه وشى به فهو واش جمعه وشاة].
الحديث الثاني عن سعد: قوله: ((وأنا ثالث الإسلام وما أسلم أحد ولقد مكثت)) أحوال متداخلة، يعني يوم أسلمت كنت ثالث من أسلم، فأكون ثالث أهل الإسلام، وبقيت على ما كنت عليه سبعة أيام، ثم أسلم بعد ذلك من أسلم.