٦١٣٠ - وعن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يقول لنسائه:((إن أمركن مما يهمني من بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون الصديقون)) قالت عائشة: يعني المتصدقين، ثم قالت عائشة لأبي سلمة بن عبد الرحمن: سقى الله أباك من سلسبيل الجنة، وكان ابن عوف قد تصدق على أمهات المؤمنين بحديقة بيعت بأربعين ألفاً. رواه الترمذي [٦١٣٠].
٦١٣١ - وعن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه: ((إن الذي يحثو عليكن بعدي هو الصادق البار، اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من
ــ
الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((إلا الصابرون)) جعل الصابر فاعلا ليصبر، وعداه بعلى ليؤذن بأن الأمر صعب وفيه مشقة ومخالفة لهوى النفس فلا يتمكن منه إلا الصابر الصديق، وأنه لن يصبر عليكن إلا من له كمال الصبر والثبات فيه، ومن له قدم صدق في الصدق، ولعلها إنما فسرت هذا بالمتصدق نظراً إلى قوله:((ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم} فإن الصديق إنما يتصدق ابتغاء مرضات الله، وإن الصابر الذي راض نفسه يبذل المال الذي هو شقيق الروح وبذله أشق شيء على النفس من سائر العبادات الشاقة ومن الإيمان وإنما يتحامل عليها تثبيتاً لها على الإيمان واليقين وتحقيقاً للجزاء من أصل نفسه، فإن قلت: فمن أين أول قوله: ((ولن يصبر عليكن إلا الصابرون)) على المتصدق؟ وما وجه دلالته عليه؟ فإن هذا مجاز لابد له من العلاقة؟.
قلت: وروده عقيب قوله: ((ما يهمني)) لأن جل همه صلى الله عليه وسلم كان مصروفاً إلى نفقاتهن، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يترك ميراثاً ولا هن آثرن الحياة الدنيا على الآخرة حين خيرن.
وأما وجه دلالته فإن تعديته ((يصبر)) بعلى يشعر بلحوق المضرة والمشقة بالصابر، ولم يك يلحق الأمة منهن المضرة إلا لكونهن معسرات يجب عليهم إزالة إعسارهن بالتصدق، وفي الكلام إيجاز، أي: ما يهمني من بعدي وهو أمر صعب، ولن يصبر عليه إلا الصابر فوضع موضع الأمر ضمير ((هن)) مبالغة، وأن الصبر على الإنفاق عليهن كالصبر عليهن.
وقوله:((وكان ابن عوف)) من كلام الراوي حال من عائشة، والعامل ((قالت)) وفيه دلالة بينة على فضل التصديق لاسيما الإحساس والبر إلى أهل البيت، وعلى فضل عبد الرحمن رضي الله عنه.
الحديث الرابع عن أم سلمة رضي الله عنها: قوله: ((يحثو عليكن)) أي يجود وينثر عليكن ما تنفقن.