٦٢٠٥ - وعن خباب بن الأرت، قال: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله تعالى، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئاً، منهم: مصعب بن عمير، قتل يوم أحد، فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا نمرة، فكنا إذا غطينا رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر)). ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها. متفق عليه.
٦٢٠٦ - وعن جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((اهتز العرش لموت سعد ابن معاذ)).
ــ
ويحتمل أنه أراد به أربعة من الأنصار أوسهم وخزرجهم وهو أشبه، وقد كان بين الحيين مناوأة قبل الإسلام بقيت منها بقية من العصبية بعد الإسلام، فلعله ذكر ذلك على سبيل المفاخرة، لما روي عن أنس رضي الله عنه قال: افتخرت الأوس والخزرج، فقال الأوس: منها غسيل الملائكة (حنظلة بن [الراهب]، ومنا من حمته الدبر (عاصم بن ثابت بن الأقلح)، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين (خزيمة بن ثابت)، ومنا من اهتز العرش لموته (سعد بن معاذ).
وقالت الخزرج: منا أربعة قرأوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقرأه غيرهم: (زيد بن ثابت)(أبو زيد) و (معاذ بن جبل) و (أبي بن كعب).
فقوله:((لم يقرأه غيرهم)) أي لم يقرأه كله أحد منكم يا معشر الأوس.
الحديث العاشر عن خباب بن الأرت رضي الله عنه:
قوله:((من أينعت له ثمرته)) ((نه)). أينع الثمر يونع وينع [يينع]، فهو مونع ويانع إذا أدرك ونضج، وأينع أكثر استعمالاً.
وهدب الشيء- بالدال المهملة- إذا قطعه، وهدب الثمرة إذا اجتناها يهدبها هدباً.
أقول: هذه الفقرة قرينة لقوله: ((فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئاً)) كأنه قيل: منهم من لم يعجل شيئاً من ثوابه، ومنهم من عجل بعض ثوابه.
وقوله:((يهدبها)) على صيغة المضارع لاستمرار الحال الماضية والآتية استحضاراً له في مشاهدة السامع، وفي الحديث:((ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا بثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث)).