للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته. ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال]: ((قلتم أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته؛ كلا إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم)) قالوا: والله ما قلنا إلا ضنا بالله ورسوله. قال: ((فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم)) رواه مسلم.

٦٢٢٠ - وعن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياناً ونساء مقبلين من عرس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اللهم أنتم من أحبا الناس إلي، اللهم أنتم من أحب الناس إلي)) يعني: الأنصار. متفق عليه.

٦٢٢١ - وعنه، قال: مر أبو بكر والعباس بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقالا: ما يبكيكم؟ فقالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا، فدخل أحدهما على النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد، فصعد المنبر ولم يصعد بعد ذلك اليوم. فحمد الله تعالى وأثنى عليه. ثم قال: ((أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم)) رواه البخاري.

ــ

قلت: قالوا ذلك ليهيجوه ويحركوا منه، كما قالوا: ما قلنا إلا ضنا بالله ورسوله، يعني أن أولاد آدم مجبولون على الميل إلى العشيرة والأقارب، وعلى حب الأوطان، ولذلك ردهم صلى الله عليه وسلم: إني عبد الله ورسوله أي لست كأحد من الرجال كما زعمتم، بل إني عبد الله ورسوله، ثم علل كونه عبد الله ورسوله بقوله: ((هاجرت إلى الله وإليكم)) على سبيل الاستئناف، أي العبودية والرسالة تقتضيان أن لا أفارقكم أبداً، ولا أميل إلى ما تقتضيه البشرية من الميل إلى الأقارب والأوطان، لأن القصد في الهجرة كان إلى الله تعالى، وأن التهاجر كان من دار قومي إلى داركم.

قوله: ((المحيا محياكم)) ((تو)): يريد ما حييت أحيا في بلدكم كما تحيون فيه، وإذا توفيت توفيت في بلدكم كما تتوفون فيه، لا أفارقكم حياً ولا ميتاً.

وقوله: ((إلا ضنا بالله ورسوله)) يريدون ما قلنا قولنا ذلك إلا [ضنة] بما آتانا الله من كرامة خشية أن يفوتنا فيناله غيرنا، وشحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتقل من بلدتنا إلى بلدته.

الحديث الخامس والعشرون والسادس والعشرون عن أنس رضي الله عنه:

قوله: ((فإنهم كرشي وعيبتي)) ((تو)): الكرش لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان، والعرب تستعمل الكرش في كلامهم موضع البطن، والبطن مستودع مكتوم السر، [والجبة مستودع مكتون المتاع].

<<  <  ج: ص:  >  >>