٣٥٢ - وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. ومن أكل فما تخلل، فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. ومن أتى الغائط فليستتر، ومن لم يجد إلا أن يجمع كثيباً من رمل فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج)). رواه أبو داود، وابن ماجة، والدارمي. [٣٥٢]
ــ
جواز الاستنجاء بأقل من ثلاثة كما هو مذهب الحنفية. ((خط)): المراد أن الاستجمار بالحجر خاصة ليس بعزيمة لا يجوز تركها إلي غيرها، لكنه إذا استنجى بالحجارة فليجعله وتراً، ثلاثاً أو خمساً، وإلا فلا حرج إن تركه إلي غيره. وقال أيضاً: في قوله: ((من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج)) دليل علي أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم يدل علي الوجوب وإلا لما كان يحتاج إلي بيان سقوط وجوبه بقوله: ((لا حرج)) أي لا إثم. وقال أيضاً: في قوله: ((فليوتر)) دليل علي وجوب الثلاث؛ لأنه من المعقول أنه صلوات الله عليه لم يرد به الوتر الذي هو واحد؛ لأنه زيادة صفة علي الاسم، ولا يحصل بأقل من واحد، فعلم أنه صلوات الله عليه قصد به ما زاد علي الواحد وأدناه الثلاث.
وأقول: لعله أراد أن الاستجمار هو إزالة النجاسة بالجمار، ولو أريد الفرد لقيل: فليستجمر بواحد. فلما عدل إلي الوتر علم أن المراد التنقية، وذلك لا يحصل بالواحد علي الغالب، فوجب الحمل علي الوصف الذي هو خلاف الشفع، ويحصل به النقاء، وأقله الثلاث. و ((ما)) في ((فما تخلل)) يجوز أن تكون شرطية، والجزاء ((فليلفظ))، والشرطية جزاء للشرط الأول، و ((مالاك فليبتلع)) عطف علي ((تخلل))، ويجوز أن تكون ((ما)) موصولة عطفاً علي ((أكل))، وخبره ((فليلفظ))، وأن يكون ((فليلفظ)) خبراً للموصول، والفاء لتضمنه معنى الشرط والجملة جزاء، والثاني أوجه.
((مظ)): وإنما قيل: ((فما تخلل فليلفظ، ومالاك فليبتلع)) لأنه ربما يخرج مع الخلال دم، ومالاك بلسانه أي أداره في الفم ومضغه مؤمن من خروج الدم للين اللسان، وإنما نفي الحرج من الخلال لأنه لم يتيقن خروج الدم معه، وإن تيقن حرم أكله.
قوله:((فإن لم يجد إلا أن يجمع)) ((خط)): أمر النبي صلوات الله عليه بالتستر ما أمكن، وبأن لا يكون قعود الإنسان بحيث تقع عليه أبصار الناظرين فيهتك الستر، أو يهب عليه الريح