للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١٧ - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: جاء أعرابي إلي النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: ((هكذا الوضوء، فمن زاد علي هذا فقد أساء وتعدى وظلم)) رواه النسائي، وابن ماجه، وروى أبو داود معناه [٤١٧].

ــ

يقتضيه قول الجوهري مسح الماقين من كل عين، وهذا أمثل وأحوط؛ لأن المعنى الذي وجدناه في مسح الطرف الذي يلي الأنف وجدناه في مسح الطرف الآخر- انتهي كلامه.

وإنما قدم المؤلف ابن ماجه علي أبي داود والترمذي ليرجع الضمير في ((ذكرا)) إليهما، وإنما نشأت تردد الحماد من راوي الحديث عن أبي أمامة؛ لأن لفظة: ((وقال)) يحتمل أن يكون عطفاً علي ((كان) فيكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتقدير: أنه صلى الله عليه وسلم كان يغسل الوجه، ويمسح الماقين، ولم يوصل الماء إلي الأذنين، وقال: هما من الرأس، فيمسحان بمسحه، وأن يكون عطفاً علي ((قال))، فيكون من قول الراوي، فالتقدير: قال الراوي: ذكر أبو أمامة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل الوجه، ويمسح الماقين، ولم يغسل الأذنين؛ لأنهما من الرأس. ((حس)): اختلفوا في أنه هل يأخذ للأذنين ماء جديداً؟ فذهب الشافعي إلي أنهما عضوان علي حالهما، يمسحان ثلاثاً بثلاثة مياه جدد، وذهب أكثرهم إلي أنهما من الرأس، يمسحان معه. قال الزهري: هما من الوجه يمسحان معه، وقال الشعبي: ظاهرهما من الرأس، وباطنهما من الوجه. قال حماد: يغسل ظاهرهما وباطنهما. وقال إسحاق: الاختيار أن يمسح مقدمهما مع الوجه، ومؤخرهما مع الرأس.

الحديث الخامس عشر عن عمرو: قوله: ((يسأله)) حال من فاعل ((جاء)) أي جاء سائلاً عن الكمال، كما مضى في الحديث الثالث، والكلام فيه حذف وإضمار، أي فأراد أن يريه ما سأل عنه رأي العين، فقام وتوضأ، وغسل أعضاء الوضوء، ومسح الرأس والأذنين كلا منهما ثلاثاً ثلاثاً ثم قال: ((هكذا الوضوء)) ولو اقتصر علي القول بغسل أعضاء الوضوء ثلاثاً ثلاثاً لم يفد هذه الفائدة، إذ ليس الخبر كالمعاينة.

قوله ((فمن زاد علي هذا فقد أساء)) ((قض)): أي أساء الأدب، فإن الازدياد استنقاص لا استكمله الشرع، وتعد عما حد له وجعل غاية التكميل، وظلم بإتلاف الماء، ووضعه في غير موضعه. قال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد علي الثلاث أن يأثم. وقال أحمد وإسحاق: لا يزيد علي الثلاث إلا رجل مبتلي. وأقول: يمكن أن يقال: إنه أساء الأدب حيث زاد علي مؤدبه، وما يفعل ذلك إلا من تعدى طوره، وجاوز حده، حيث يوهم أنه أعلم منه، ولا يصدر ذلك إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>