٤١٨ - وعن عبد الله بن المغفل، أنه سمع ابنه يقول، اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة، قال: أي بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النار؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء)) رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. [٤١٨]
٤١٩ - وعن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن للوضوء شيطاناً يقال له: الولهان، فاتقوا وسواس الماء)) رواه الترمذي، وابن ماجه. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وليس إسناده بالقوي عند أهل الحديث، لأنا لا نعلم أحداً أسنده غير خارجه، وهو ليس بالقوي عند أصحابنا. [٤١٩]
ــ
عمن ابتلي بالجنون، ومن توهم ذلك فقد ظلم نفسه، حيث عرضها لسخط الله ومقته، هذا معنى قول ابن المبارك وأحمد رضي الله عنهما، والله أعلم.
الحديث السادس عشر عن عبد الله بن مغفل: قوله: ((أي بني)) ((تو)): أنكر الصحابي علي ابنه في هذه المسألة؛ لأنه طمح إلي ما لا يبلغه عملا وحالاً، حيث سأل منازل الأنبياء والأولياء، وجعلها من باب الاعتداء في الدعاء؛ لما فيها من تجاوز عن حد الأدب، والنظر الداعي إلي نفسه بعين الكمال، والاعتداء في الدعاء يكون من وجوه كثيرة، والأصل فيه أن يتجاوز عن مواقف الافتقار إلي بساط الانبساط، أو يميل إلي أحد شقي الإفراط والتفريط في خاصة نفسه، وفي غيره إذا دعا له أو عليه، والاعتداء في الطهور استعماله فوق الحاجة، والمبالغة في تحري طهوريته، حتى يفضي به إلي الوسواس- انتهي كلامه. فعلي هذا ينبغي أن يروى الطهور بضم الطاء، ليشمل التعدي في استعمال الماء، والزيادة علي ما حد له.
الحديث السابع عن أبي بن كعب: قوله: ((الولهان)) ((تو)): هو مصدر وله يوله ولهاً وولهاناً، وهو ذهاب العقل، والتحير من شدة الوجد، فسمي به شيطان الوضوء إما لشدة حرصه علي طلب الوسوسة في الضوء، وإما لإلقائه الناس بالوسوسة في مهواة الحيرة، حتى يرى صاحبها حيران ذاهب العقل، لا يدري كيف يلعب به الشيطان- انتهي كلامه. يريد أن الولهان مصدر وضع موضع اسم الفاعل للمبالغة في تحيره؛ لشدة حرصه علي إيقاع الناس في التحير، أو تحير الناس بإيقاع وسوسته، فأسند إليه إسناداً مجازياً، لأنه حاملهم عليها، كما يقال: ناقة ضبوث، أي ضابثة.، والضبث الجس والقبض علي الشيء، وإنما جعلت ضابثة لما بها من السمن الداعي إلي الضبث والجس، مثل الحلوب والركوب، كذا في أساس البلاغة.