للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١١ - وعن أبي موسى الأشعري. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة لهم

أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد، والعبد المملوك إذا أدَّى حق

الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن

تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها؛ فله أجران) متفق عليه.

ــ

فإن قلت: في الحديث السماع والإيمان كلاهما منفيان، فيلزم على هذا من لم يسمع ولم

يؤمن يكون من أصحاب النار، وهو خلاف قوله (تعالى): (وما كنا معذبين حتى نبعث

رسولا) وكان من حق الظاهر أن يقول: يسمع ولا يؤمن. قلت: إن (ثم) للاستبعاد رجع

حاصل معنى الاستثناء إلى قولنا: لا يحصل بهذا الاستبعاد المذكور في حق يهودي أو نصراني

فيكون له حال من الأحوال إلا أن كان من أهل النار، فالمنفي سماع لم يترتب عليه الإيمان؛

لأنه هو المستبعد، وفهم منه أن السماع الذي يترتب عليه الإيمان يكون حكمه بالعكس، ونظيره

قوله (تعالى): (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم

لبعض أن تحبط أعمالكم) في أحد وجهيه، وهو أن يكون الفعل المعلل منهياً، لا أن

يكون الفعل المنهي معللا، فاعرف.

الحديث التاسع عن أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه): قوله: (ثلاثة لهم أجران

إعراب هذا التركيب كإعراب: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان) في الوجهين، لكن

لا يجب هنا تقدير مضاف كما وجب هنالك لا ستقامته بدونه قال الشارحون: المراد بأهل

الكتاب نصراني تنصر قبل المبعث، أو بلوغ الدعوة إليه، وظهور المعجزة لديه، ويهودي تهود

قبل ذلك إن لم يجعل النصرانية ناسخة لليهودية، إذ لا ثواب لغيره على دينه فيضاعف

باستحقاقه ثواب الإيمان. ويدل على ذلك أن البخاري يروي هذا الحديث وذكر بدل قوله: (آمن

بنبيه) (آمن بعيسى) ويحتمل إجراؤه على عمومه، إذ لا يبعد أن يكون طريان الإيمان به

سبباً لقبول تلك الأعمال والأديان وإن كانت منسوخة، كما ورد في الحديث أن مبرات الكفار

وحسناتهم مقبولة بعد إسلامهم. فإن قلت: أي فائدة في ذكر (آمن بنبيه) وقد علم ذلك من

قوله: (من أهل الكتاب)؟ قلت: ليشعر بعلية الأجر، أي سبب الأجرين الإيمان بالنبيين.

ــ

<<  <  ج: ص:  >  >>