٥٦٩ - وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة)). رواه مسلم.
ــ
لحياتي} بمعنى الوقت؛ لئلا يتكرر الوقت. ((وحدثني بهن)) أي قص الحديث علي الثلاثة المذكورة، بدليل قوله:((ولو استزدته لزادني)) و ((ثم)) في قوله: ((ثم أي)) مرتين، للدلالة علي تراخي المرتبة لا لتراخي الزمان.
((تو)): هذا الحديث مشكل لما يعارضه من الأحاديث الواردة في أفضل الأعمال وأحبها إلي الله تعالي، ثم الاختلاف الذي يقع في الترتيب بين تفصيلها، ففي هذا الحديث ما ذكر فيه، وفي حديث أبي ذر ((قال: يا رسول الله، أي العمل خير؟ قال: إيمان بالله، وجهاد في سبيل الله))، وفي حديث أبي سعيد ((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟ قال: رجل يجاهد في سبيل الله)) إلي غير ذلك من الأحاديث في هذا المعنى، ووجه التوفيق أنه صلى الله عليه وسلم أجاب لكل بما يوافق غرضه، وما يرغب فيه، أو أجاب علي حسب ما عرف من حاله بما هو يليق به وأصلح له؛ توفيقاً له علي خفي عليه، وقد يقول القائل: خير الأشياء كذا، ولا يريد تفضيله في نفسه علي جميع الأشياء ولكن يريد أنه خيرها في حال دون حال، ولواحد دون آخر، وذلك مثل قولك في موضع يحمد فيه السكوت: لا شيء أفضل من السكوت، وقولك حيث يحمد الكلام: لا شيء أفضل من الكلام. ولقد تعاضدت النصوص علي فضل الصلاة علي الصدقة، ثم إن تجددت حال تقتضي مواساة مضطر، أو إصلاح ذات بين فتكون الصدقة حينئذ أفضل، وعلي هذا فضل الجهاد علي غيره؛ لأنه السبب الداعي إلي الإيمان، والخلة المظهرة لكلمات الله العليا، لاسيما في زمان النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حينئذ من أجل القربات، وأعظم المثوبات؛ لاشتماله علي إظهار الدين، ونصرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
أقول: ويعضده حديث الأنمارية حيث وصفت أبناءها الكملة: ولدت لزيادة العبسي ربيعاً الكامل، وعمارة الوهاب، وقس الحفاظ، [وأسد] الفوارس، حين سئلت أيهم أفضل؟ فقالت: عمارة، لا بل فلان، ثم قالت: لكنهم إن كنت أعلم أيهم أفضلهم، كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفها. والأسلوب من باب الرجوع من التفصيل إلي الإجمال تنبيهاً علي نفاد الوصف دون كمالهم.
الحديث السادس عن جابر: قوله: ((بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة)) ترك الصلاة مبتدأ، والظرف خبره، ومتعلقه محذوف قدم ليفيد الاختصاص، ويؤيده الحديث الخامس في الفصل الثالث من الباب، وهو قوله: ((كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير