٥٩٠ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة)).
٥٩١ - وفي رواية للبخاري عن أبي سعيد ((بالظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم، واشتكت النار إلي ربها، فقالت: رب! أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير)). متفق عليه. وفي رواية للبخاري: فأشد ما تجدون من الحر فمن سمومها، وأشد ما تجدون من البرد فمن زمهريرها)).
ــ
الحديث الرابع: عن أبي هريرة (رضي الله عنه): قوله: ((من فيح جهنم)) ((خط)): معناه سطوع حرها وانتشارها، وأصله السعة والانتشار، يقال: مكان أفيح أي واسع، وقيل: أصله الواو يقال: فاح يفوح فهو فيح، مثل هان يهون فهو هين، ثم خففنا. وقوله:((اشتكت النار)) جملة مبينة للأولي- وإن دخلت الواو بين البيان والمبين- كما في قوله تعالي:{وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار} الآية. بعد قوله:{فهي كالحجارة أو أشد قسوة}((تو)): ذكر في أول الحديث أن شدة الحر من فيح جهنم، وهو يحتمل أن يكون حقيقة أو مجازاً، فبين بقوله:((فأذن لها بنفسين)) إلي آخره. أن المراد منه الحقيقة لا غير، ثم نبه علي أن أحد النفسين يتولد منه ((أشد ما تجدون من الزمهرير)). ((قض)): اشتكاء النار مجاز عن كثرتها وغليانها وازدحام أجزائها بحيث يضيق عنها مكانها، فيسعى كل جزء في إفناء الجزء الآخر والاستيلاء علي مكانها، ونفسها لهبها وخروج ما يبرز منها، مأخوذ من نفس الحيوان، وهو الهواء الدخإني الذي تخرجه القوة الحيوإنية فينقي منه حوالي القلب. وقوله:((أشد ما تجدون من الحر)) خبر مبتدأ محذوف أي ذلك أشد.
وتحقيقه أن أحوال هذا العالم عكس أمور ذاك العالم وآثارها، فكما جعل مستطابات الأشياء وما يستلذ به الإنسان في الدنيا أشباه نعمي الجنان، وهو من جنس ما أعد لهم فيها؛ ليكونوا أميل إليها وأرغب فيها، ويشهد لذلك قوله تعالي:{كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل} كذا جعل الشدائد المؤلمة والأشياء المؤذية أنموذجاً لأحوال الجحيم، وما