٥٩٢ - وعن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر، والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلي العوالي، فيأتيهم والشمس مرتفعة، وبعض العوالي من المدينة علي أربعة أميال أو نحوه. متفق عليه.
٥٩٣ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تلك صلاة المنافق: يجلس يرقب الشمس، حتى إذا اصفرت، وكانت بين قرني الشيطان؛ قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلا)). رواه مسلم.
ــ
يعذب بها الكفرة العصاة، ليزيد خوفهم وانزجارهم عما يوصلهم إليها؛ فما يوجد من السموم فمن حرها، وما يوجد من الصراصر المجمدة فمن زمهريرها، وهو طبقة من طبقات الجحيم. ويحتمل الكلام وجوها أخر والله (سبحانه وتعالي) ورسوله أعلم بالحقائق وأقول جعله ((أشد مبتدأ خبره محذوف أولي من عكسه، لدلالة الرواية للبخاري، وأما الفاء في الخبر فلإضافة ((أشد)) إلي ((ما)) الموصوفة أو الموصولة.
الحديث الخامس والسادس عن أنس (رضي الله عنه): قوله: ((تلك)) هو إشارة إلي ما في الذهن من الصلاة المخصوصة، والخبر بيان لما في الذهن، و ((يجلس- إلي آخره-)) جملة استئنافية بيان للجملة السابقة، ويجوز أن تكون حالا ((والشمس)) مفعول ((ترقب)) و ((إذا)) ظرف مفعول به بدل اشتمال من الشمس، كقوله تعالي:{واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت} يعني: ترقب وقت اصفرار الشمس، وحصوله بين قرني الشيطان، وعلي هذا ((قام)) استئناف، ويجوز أن يكون ((إذا)) للشرط ((وقام)) جزاءه، فالشرطية استئنافية. وقوله:((فنقر)) من نقر الطائر الحبة نقراً التقطها. وتخصيص الأربع بالنقر وفي العصر ثمإني سجدات، اعتبارا بالركعات، فكذا تخصيص العصر بالذكر دون سائر الصلوات؛ لأنها هي الصلاة الوسطى قال الله تعالي:{حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}. قيل: إنما خصها بالذكر، لأنها تأتي في وقت تعب الناس من مقاساة أعمالهم، وحرصهم علي قضاء أشغالهم، وشرههم بها إلي انقضاء وظائفهم. ((مظ)): يعني من أخر صلاة العصر إلي الاصفرار فقد شبه نفسه بالمنافقين؛ فإنهم لا يعتقدون حقيقة الصلاة، بل يصلون لدفع السيف، ولا يبالون بتأخيرها؛ لأنهم لا يطلبون بها فضيلة ولا ثواباً حتى يصلوها في الوقت؛ فالواجب علي المسلم أن يخالف المنافق.