للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٥٩ - وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة)) رواه البخاري.

ــ

قال: حي علي الفلاح، أو الصلاة خير من النوم، بطلت صلاته إن كان عالماً بتحريمه، لأنه كلام آدمي. وقال القاضي عياض: اختلفوا هل يقوله عند سماع كل مؤذن أم الأول فقط؟

الحديث السادس عن جابر: قوله: ((اللهم رب هذه الدعوة التامة)) ((تو)): قيل: إنما وصف الدعوة بالتمام لأنها ذكر الله (عز وجل)) يدعى بها إلي عبادته، وهذه الأشياء وما والاها هي التي تستحق صفة الكمال والتمام، وما سوى ذلك من أمور الدنيا يعرض النقص والفساد. ويحتمل أنها وصفت بالتمام لكونها محمية عن النسخ والإبدال، باقية إلي يوم التناد. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((والصلاة القائمة)) أي الدائمة التي لا تغيرها ملة، ولا تنسخها شريعة. ((وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته)) الموصول مع الصلة إما بدل، أو نصب علي المدح، أو رفع بتقدير أعني أو هو، ولا يجوز: أن يكون صفة للنكرة، وإنما نكر لأنه أفخم وأجزل، كأنه قيل: مقاماً أي مقام، مقاماً يغبطه الأولون والآخرون، محموداً يكل عن أوصافه ألسنة الحامدين. ((شف)): المراد بوعده تعالي نبيه صلى الله عليه وسلم قوله تعالي: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} روي عن ابن عباس رضي الله عن أنه قال: هذه الآية: أي مقاماً يحمدك فيه الأولون والآخرون، ويشرف علي جميع الخلائق، يسأل فيعطى، ويشفع فيشفع، أي ليس أحد إلا تحت لوائك. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي)).

أقول: -وبالله التوفيق- إن قوله: الله أكبر إلي قوله: محمد رسول الله، هي الدعوة التامة، وكلمة التوحيد الباقية الدائمة، كما قال الله (تعالي): {وجعلها كلمة باقية في عقبه} أي عقب إبراهيم، وقوله: حي علي الصلاة، هو المشار إليه بقوله: الصلاة القائمة في قوله تعالي: {ويقيمون الصلاة} فإن المكلف إذا أقبل عليها بكليته، ويحافظ بتعديل أركانها، ويصونها من أن يقع زيغ في فرائضها وسننها وآدابها- كانت قائمة مستقيمة، من أقام العود إذا قومها، فهاتان الكلمتان وسيلتان إلي طلب الفلاح، والفوز في العقبى بالدرجات العالية المشار إليها بقوله: آت محمداً الوسيلة والفضيلة، والمقام المحمود الذي يقوم فيه لشفاعة الأولين والآخرين، وبخلاصهم من كرب يوم القيامة، وإيصالهم إلي جناب، ونعيم، ولقاء رب العالمين، جعلنا الله (سبحانه) بفضله الكريم وكرمه الجسيم من زمرتهم، ومن المنخرطين في مسلكهم، ويرحم الله عبداً قال: آمينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>