للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧١٠ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قام أحدكم إلي الصلاة فلا يبصق أمامه؛ فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه، ولا عن يمينه؛ فإن عن يمينه ملكاً. وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها)).

٧١١ - وفي رواية أبي سعيد: ((تحت قدمه اليسرى)) متفق عليه.

٧١٢ - وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي لم يقم منه: ((لعن الله اليهود والنصارى: اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) متفق عليه.

ــ

الحديث الحادي والعشرون عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فلا يبصق أمامه)) ((مظ)): لعل المراد من النهي أن يبصق المصلي تلقاء وجهه صيانة للقبلة عما ليس فيه تعظيمها.

أقول: قوله: ((فإنما يناجي الله)) تعليل للنهي شبه العبد وتوجهه إلي الله تعالي في الصلاة وما فيها من القراءة والأذكار، وكشف الأسرار، واستنزال رأفته، ورحمته مع الخشوع والخضوع بمن يناجي مولاه ومالكه، ومن شرائط حسن الأدب أن يقف محازيه، ويطرق رأسه، ولا يمد بصره إليه، ويراعي جهة أمامه؛ حتى لا يصدر منه من تلك الهنات شيء، وإن كان الله تعالي منزهاً عن الجهات؛ لأن الآداب الظاهرة والباطنة مرتبطة بعضها مع بعض، وأما جواز البصاق عن اليسار وتحت قدميه مع كونه في المناجاة فلا يتصور فيه معنى المجازاة والمقابلة.

قوله: ((ولا عن يمينه)) ((تو)): يحتمل أن يراد بالملك الذي يحضره عند الصلاة من جهة التأييد والإلهام بقلبه، والتأمين علي دعائه، ويكون سبيله سبيل الزائر، ومن حق المزور أن يكرم زائره فوق ما يختصه من الكرام الكاتبين، ويحتمل أن يخص صاحب اليمين بالكرامة تنبيهاً علي ما بين الملكين المزية كما بين اليمين والشمال، وتميزاً بين ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولهذا نكره. كأنه أراد ملكاً مكرماً مفضلاً، أو ملكاً غير الذي تعلمون من الحفظة.

الحديث الثاني والعشرون عن عائشة: قوله: ((في مرضه)) لعله صلى الله عليه وسلم عرف بالمعجزة أنه مرتحل، فخاف من الناس أن يعظموا قبره كما فعل اليهود والنصارى، فعرض بلعن اليهود والنصارى وصنيعهم لئلا يعاملوا قبره معاملتهم. و ((اتخذوا)) جملة مستأنفة علي سبيل البيان لموجب اللعن، كأنه قيل: لم يلعنهم؟ فأجيب بقوله: اتخذوا .... ((قض)): لما كان اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لشأنهم، ويجعلونها قبلة، ويتوجهون في الصلاة نحوها، فاتخذوها أوثاناً، لعنهم، ومنع المسلمين عن مثل ذلك، ونهاهم عنه. أما من اتخذ مسجداً في جوار صالح، أو صلي في مقبرته، وقصد به الاستظهار بروحه، أو وصول أثر من آثار عبادته إليه، لا التعظيم له والتوجه نحوه- فلا حرج عليه، ألا ترى أن مرقد إسماعيل (عليه السلام) في المسجد الحرام عند الحطيم؟ ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى المصلي لصلاته. والنهي عن الصلاة في المقابر مختص بالمقابر المنبوشة؛ لما فيها من النجاسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>