٧٢٨ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من خرج من بيته متطهراً إلي صلاة مكتوبة، فأجره كأجر الحاج المحرم. ومن خرج إلي تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه؛ فأجره كأجر المعتمر. وصلاة علي إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين)) رواه أحمد، وأبو داود. [٧٢٨]
ــ
الحديث الثاني عشر عن أبي أمامة: قوله: ((إن صلاة)) حال، أي خرج من بيته قاصداً إلي المسجد لأداء الفرائض، وإنما قدرنا القصد حالاً ليطابق الحج، لأنه القصد الخاص، فنزل النية مع التطهر منزلة الإحرام، وأمثال هذه الأحاديث ليست للتسوية، فكيف وإلحاق الناقص بالكامل يقتضي فضل الثاني وجوباً ليفيد المبالغة، وإلا كان عبثاً، فشبه صلى الله عليه وسلم حال المصلي القاصد إلي الصلاة المكتوبة بحال الحاج المحرم في الفضل مبالغة وترغيباً للمصلي؛ ليركع مع الراكعين، ولا يتقاعد عن حضور الجماعات. ((تو)): شبه أجر المتطهر الخارج من بيته للصلاة المكتوبة بأجر الحاج المحرم، حيث أنه يستوفي أجره من لدن يخرج من بيته إلي أن يرجع إليه كالحاج المحرم فإنه يستوفي أجره من حيث يخرج إلي أن يرجع، وذلك مثل قولنا: فلا كالأسد، فلا يقتضي من تشبيه به سائر الوجوه، بل يحمل علي الشجاعة، فكذلك الأجران لا يقتضيان المشاركة من تشبيه به سائر الوجوه، بل يحمل علي الشجاعة، فكذلك الأجران لا يقتضيان المشاركة من سائر الوجوه. وقال: في قوله: ((وأجره كأجره المعتمر)) إشارة إلي أن نسبة ثواب الخروج للنافلة من الصلوات إلي الخروج لفرائضها نسبة ثواب الخروج للعمرة إلي الخروج إلي الحج.
قوله:((إلي تسبيح الضحى)) فالمكتوبة والنافلة وإن اتفقنا في أن كل واحدة منهما يسبح فيهما، إلا أن النافلة جاءت بهذا الاسم أخص من جهة أن التسبيحات في الفرائض نوافل، فكأنه قيل للنافلة تسبيحة علي أنها شبيهة بالأذكار في كونها غير واجبة. قوله:((لا ينصبه إلا إياه)) ((حس)): أي لا يتعبه ولا يزعجه إلا ذلك، وأصله من النصب، وهو معناه المشقة. ((شف)): قوله: ((إياه)) ضمير منصوب منفصل وقع موقع المرفوع المنفصل كما وقع المرفوع المنفصل موقع المنصوب المنفصل في حدث الوسيلة: ((وأنا أرجو أن أكون أن هو)). أقول: وقد سبق توجيه حديث الوسيلة، وأما ههنا فيمكن أن يقال: إن هذا من الميل إلي المعنى دون اللفظ، فمعنى ((لا ينصبه إلا إياه)) لا يقصد ولا يطلب إلا إياه. ((الكشاف)): في قوله: ((فشربوا إلا قليلا)): قرأ أبي والأعمش: ((إلا قليل) بالرفع، وهذا من ميلهم إلي المعنى والإعراض عن اللفظ جانباً. وهو من باب جليل من علم العربية، فلما كان المعنى فشربوا منه فلم يطيعوه، إلا قليل منهم، ونحوه قول الفرزدق: لم يدع من المال إلا مسحت أو مجلف. كأنه قيل: لم يبق من المال إلا مسحت أو مجلف.
قوله:((كتاب في عليين)) ((تو)): أي صلاة علي إثر صلاة عمل مكتوب في عليين. ((نه)): العليون اسم لديوان الملائكة الحفظة، ترفع إليه أعمال الصالحين، وقيل: أراد أعلي الأمكنة