للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلاة الصبح، حتى كدنا نتراءى عين الشمس، فخرج سريعاً، فثوب بالصلاة، فصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجوز في صلاته. فلما سلم دعا بصوته، فقال لنا: ((علي مصافكم كما أنتم))، ثم انفتل إلينا، ثم قال: ((أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة: إني قمت من الليل، فتوضأت وصليت ما قدر لي، فنعست في صلاتي حتى استثقلت، فإذا أنا بربي تبارك وتعالي في أحسن صورة، فقال: يا محمد! قلت: لبيك رب!. قال: فيم يختصم الملأ الأعلي؟ قلت: لا أدري. قالها ثلاثاً)). قال: ((فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي، فتجلي لي كل شيء وعرفت. فقال: يا محمد! قلت: لبيك رب! قال: فيم يختصم الملأ الأعلي؟ قلت: في الكفارات. قال: وما هن؟ قلت: مشي الأقدام إلي الجماعات، والجلوس في المساجد بعد الصلوات، وإسباغ الوضوء حين الكريهات. قال: ثم فيم؟ قلت: في الدرجات. قال: وما هن؟

ــ

أن يجيء الرجل مستصرخاً فيلوح بثوبه ليرى ويشتهر، فسمى الدعاء تثويباً لذلك، وكل داع مثوب.

قوله: ((تجوز في صلاته)) ((نه)): أي خفف وأسرع بها. وقوله: ((علي مصافكم)) أي اثبتوا عليها، وهي جمع مصف، وهو موضع الصف. ((وأسألك حبك)) يحتمل أن يكون أنني أسألك حبك إياي، أو حبي إياك، وعلي هذا يحمل قوله: ((وحب من يحبك)). وأما قوله: ((حب عمل يقربني إلي حبك)) فيدل علي أنه طالب لمحبة العمل، حتى يكون وسيلة إلي محبة الله تعالي إياه، فينبغي أن يحمل الحديث علي أقصى ما يمكن من المحبة في الطرفين، ولعل السر في تسميته بحبيب الله لا يخلو من هذا. وقد أشبعنا القول في معنى الحديث في الفصل الثاني، ونقلنا هناك عن التوربشتي أنه قام: تلك الرؤيا كانت في المنام، واستشهد بالحديث الذي رواه الطبرإني، ويروى أيضاً عن الإمام أحمد بن حنبل: أنها كانت في اليقظة، حيث قال: ((فنعست في صلاتي حتى استيقظت)) وقد روينا في الحديث عن الإمام أحمد: ((فنعست في صلاتي حتى استثقلت)) فدل علي أنها كانت في المنام. قوله: ((النعاس)) النوم القليل، قال الله تعالي: {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه} والله أعلم.

((غب)) قوله: ((ثم تعلموها)) أي لتعلموها، فحذف اللام، وأنشد الدار الحديثي:

قلت لبواب لديه دارنا تيذن فإني حموها وجارها

<<  <  ج: ص:  >  >>