للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٧٧ - وعن رفاعة بن رافع، قال: كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه

ــ

والرفع علي أنه خبر مبتدأ محذوف، أي أنت أهل الثناء، وكذا: ((أحق ما قال)) أي بما قال، أو يكون التقدير: المذكور من الحمد الكثير أحق ما قال العبد. ويجوز أن يكون ((أحق ما قال)) مبتدأ، وقوله: ((اللهم)) خبره، ((وكلنا لك عبد)) جملة معترضة بين المبتدأ والخبر، والتعريف في ((العبد)) للجنس. وقيل: للعهد، والمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم. و ((ما)) في قوله: ((ما قال العبد)) موصوفة، أي أحق الأشياء التي يتكلمها العبد إن فصلتها واحداً بعد واحد ثناء الله تعالي من العبد المطيع الخاشع الخاضع، وذلك كقوله تعالي: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} وجاء في بعض النسخ: ((حق ما قال العبد)) فعلي هذا هو كلام تام واقع علي سبيل الاستئناف، وقوله: ((وكلنا لك عبد)) علي هذا تذييل.

قوله: ((ذا الجد)) ((غب))؛ سمي ما جعل الله تعالي للإنسان من الحظوظ الدنيوية جداً، وهو البخت. وقيل: جددت وحظظت، وقال الله سبحانه وتعالي: {جد ربنا} أي فيضه وعظمته.

قوله: ((منك الجد)) فيه أقوال، ((فا)): ((من)) فيه مثله في قولهم: هو من ذاك، أي بدل ذاك، ومنه قوله: فليت لنا من ماء زمزم شربة. ومنه قوله تعالي: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} والمعنى أن المحظوظ لا ينفعه حظه بذلك، أي بدل طاعتك وعبادتك.

((غب)): المعنى لا يتوصل إلي ثواب الله تعالي في الآخرة بالجد، وإنما ذلك بالجد في الطاعة، وهو الذي أنبأ عنه قوله سبحانه وتعالي: {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} وقيل: أراد بالجد أبا الأب، وأبا الأم، أي لا ينفع أحداً نسبه، كقوله سبحانه وتعالي: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم}. ((تو)): أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه، وإنما ينفعه العمل بطاعتك، وعلي هذا فمعنى ((منك)) عندك. ويحتمل وجهاُ آخر، أي لا يسلمه من عذابك غناه. ((مظ)): أي لا يمنع عظمة الرجل وغناه عنه إن شئت به عذاباً.

وأقول: يمكن أن يقدر في الوجه الأول: لا ينفع ذا الحظ العظيم بدل توفيقك وعنايتك حظه، فإن الحظ أمر، ونفعه أمر، فلما قال صلى الله عليه وسلم: ((لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت)) فهم أن معطي الحظ ومانعه هو الله تعالي ليس غيره، أتبعه بقوله: ((ولا ينفع ذا الجد)) إشعاراً بأن ذلك الحظ المعطى لا ينفع المعطي له إذا لم يمكنه تعالي من استيفاء النفع، فكم يرى من غني وعالم ذي حظ عظيم في علمه وماله لا ينتفع به إذا لم يوفقه الله للعمل والإنفاق، والله أعلم.

الحديث العاشر عن رفاعة: قوله: ((أيهم يكتبها أول)) ((مظ)): ((أول)) مبني علي الضم، بأن حذف منه المضاف إليه، وتقديره،: أولهم، يعني كل واحد منهم يسرع ليكتب هذه الكلمات قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>