٨٩٣ - وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش، فالتمسته، فوقعت يدي علي بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول:((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت علي نفسك)). رواه مسلم.
ــ
الحديث السابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((فالتمسته)) أي طلبته، ((قض)): ((وهو في المسجد))، هكذا في صحيح مسلم، وكتاب الحميدي، وأكثر نسخ المصابيح، وفي بعضها ((في سجدة))، وفي بعضها ((في السجود)). وقولها فيه:((فوقعت يدي علي بطن قدميه في السجود)) يدل علي أن الملموس لا يفسد وضوءه، إذ المس الاتفاقي لا أثر له، إذ لولا ذلك لما استمر علي السجود. ((شف)): ويمكن أن يقال: إنه كان بين اللامس والملوس حائل.
قوله:((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك)) ((نه)): وفي رواية أخرى بدأ بالمعافاة ثم ثنى بالرضا، وإنما ابتدأ بالمعافاة من العقوبة لأنها من صفات الأفعال كالإماتة والإحياء، والرضي والسخط من صفات الذات، وصفات الأفعال أدنى رتبة من صفات الذات، فبدأ بالأدنى مترقياً إلي الأعلي، ثم لما ازداد يقيناً وارتقى ترك الصفات، وقصر نظره علي الذات فقال:((أعوذ بك منك)). ثم لما ازداد قربا استحيا من الاستعاذة علي بساط القرب فالتجأ إلي الثناء، فقال:((لا أحصي ثناء عليك))، ثم علم أن ذلك قصور فقال:((أنت كما أثنيت علي نفسك)). وأما علي الرواية الأولي فإنما قدم الاستعاذة بالرضي من السخط؛ لأن المعافاة من العقوبة [تحصل بحصول الرضا]، وإنما ذكرها لأن دلالة الأول عليها دلالة تضمن، فأراد أن يدل عليها دلالة مطابقة، فكنى عنها أولا، ثم صربح بها ثإنياً، ولأن الراضي قد يعاقب المصلحة، ولاستيفاء حق الغير.
قوله:((لا أحصي ثناء عليك)) ((مظ)): أي لا أطيق أن أثني عليك كما تستحقه وتحبه، بل أنا قاصر عن أن يبلغ ثنائي قدر استحقاقك، ((أنت كما أثنيت علي نفسك)) بقولك: ((فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم)) وما أشبه ذلك من الآيات التي حمدت نفسك فيها.
أقل: أصل الإحصاء العد بالحصى، ((غب)): الإحصاء التحصيل بالعدد، يقال: أحصيت كذا من [لقط] الحصى، واستعمال ذلك فيه من حيث إنهم كانوا يعتمدون عليها بالعد،