٨٩٥ - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة، فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويلتي!! أمر ابن آدم بالسجود، فسجد؛ فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت؛ فلي النار)). رواه مسلم.
ــ
فإن قلت: أين المفضل عليه ومتعلق أفعل التفضيل في الحديث؟ قلت: محذوف، وتقديره: إن للعبد حالتين في العبادة: حالة كونه ساجداً لله تعالي، وحالة كونه متلبساً بغير السجود، فهو في حالة السجود أقرب إلي ربه من نفسه في غير تلك الحالة. ويدل عليه التصريح به فيما روي عن علي رضي الله عنه:((الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم أي الناس في فسادهم واقترافهم رذائل الأخلاق أشبه بزمانهم من أنفسهم بآبائهم في الصورة والهيئة، وفي اقتنائهم مكارم الأخلاق.
ومن شواهد وقوع الحال سادة مسد الخبر ما رواه البخاري: ((عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خلوفا)) أي مثل هذه الساعة. قال المالكي: خلوفا منصوب علي الحال، سدت مسد المسند إلي ((نفرنا)) وتقديره: ونفرنا متروكون. ونظيره قوله:((ونحن عصبة)) بالنصب وهي قراءة تعزى علي علي رضي الله عنه وتقديره: ونحن معه عصبة، وقول بعض الصحابة رضي الله عنهم:((كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم عاقدي أزرهم)) وتقديره: وهم مؤتزرون عاقدي أزرهم. وهذا النوع من سد الحال مسد الخبر مع صلاحيتها لأن تجعل خبراً شاذاً لا يكاد يستعمل، فالوجه الجيد في هذا القبيل الرفع لمتقضى الخبرية، والاستغناء عن تقدير خبر، وإنما يحسن سد الحال مسد الخبر، إذا لم يصلح جعل الحال خبراً، نحو: ضربي زيداً قائماً، وأكثر شربي السويق ملتوتا، [فإن (قائماً) و (ملتوتا)] لا يصح أن يكونا خبرين لضربي وأكثر.
الحديث التاسع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((اعتزل)) ((شف)): أي تباعد، ولك من عدل إلي جانب فهو معتزل، ومنه سميت الفرقة العدلية معتزلة، ورى أن الحسن البصري رحمه الله عليه كان يقرر يوماً مع أصحابه مسألة من الأصول، فاعترض عليه جماعة من أصحابه، فلما قام الحسن من مجلسه اعتزل المعترضون إلي ناحية يقررون تلك المسألة علي خلاف قول الحسن، فلما عااد الحسن ورآهم جالسين في ناحية قال: من المعتزلة؟ وفي رواية: فلما تكرر نكيرهم علي قول الحسن قال لهم: اعتزلوا عنا.
قوله:((يبكي، يقول)) حالان من فاعل ((اعتزل))، مترادفان أو متداخلان. قوله:((يا ويلتي)) ((فا)): أصله [وي له]، ((نه)): الويل الحزن، والهلاك، ولك من وقع في هلكة دعا بالويل،