٩٨٢ - وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة. فقال:((هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)). متفق عليه.
ــ
عن الاختصار في الصلاة)) فتبين من ذلك أن المعتبر هو الاختصار لا الخصر، ومن فسره باتخاذ المخصرة في الصلاة متوكئاً عليه، فقد خالف المشهور، وقد ذكر الكسائي في كتابه عن زياد أنه قال: صليت إلي جنب ابن عمر، فوضعت يدي علي خصري، فقال هكذا- ضربه بيده، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! ما رابك مني؟ قال: هذا الصلب، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عنه)). قلت: قوله: ((هذا الصلب)) معناه كالصليب ومشابه له.
وأقول: رد هذه الرواية علي مثل هذه الأئمة المحدثين بقوله: لم يفسر علي هذا الوجه في شيء من كتاب اللغة، لا وجه له؛ لأن ارتكاب المجاز والكناية لم يتوقف علي النقل والسماع، بل علي العلاقة المعتبرة، فكيف لا يكون هذا ونظائره موجوداً في كلامهم؟ وبيانه أن ((الخصر)) هو وسط الإنسان، والنهي لما ورد عليه علم أن دأب ((الخصر)) مما لا ينهي عنه، فتوجه النهي إلي ما يعترضه من الأوصاف والأفعال، كما يطلق العين واليد ويراد ما يصدر عنها، ولما اتفقت الروايات علي أن المراد وضع اليد علي الخاصرة وجب حمله عليه، وهو من الكناية التي يبلغ بها الكلام إلي الدرجة العليا؛ فإنهم إذا أرادوا أن يبالغوا في النفي والنهي ينفون الذات؛ لتنتفي الصفة أو الحال بالطريق البرهإني. ((الكشاف)): حال الشيء تابعة لذاته، وإذا امتنع ثبوت الذات تبعه امتناع ثبوت الحال، وذلك أقوى لنفي الحال وأبلغ. وذكره في تفسير قوله تعالي:{كيف تكفرون بالله}.
الحديث الخامس عن عائشة: قوله: ((اختلاس)) الاختلاس افتعال من الخلس، وهو السلب. ((قض)): الخلس ما يؤخذ مكابرة. ((مظ)): يعني من التفت في الصلاة يميناً أو يساراً، ولم يحول صدره عن القبلة- لم تبطل صلوته، ولكن يسلب كمال صلاته، وإن حوله بطلت. وأقول المعنى من التفت يميناً وشمالاً ذهب عنه الخشوع المطلوب بقوله تعالي:{والذين هم في صلاتهم خاشعون} فاستعير لذهاب الخشوع اختلاس الشيطان، تصويراً لقبح تلك الفعلة، أو أن المصلي حينئذ مستغرق في مناجاة ربه، وأنه تعالي مقبل عليه، والشيطان كالراصد ينتظر فوات تلك الفرصة عنه، فإذا التفت المصلي اغتنم الفرصة فيختلسها منه.
الحديث السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أو لتخطفن)) ((أو)) هاهنا للتخيير