١٠٥٤ - وعنه، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلي المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولي دعاه، فقال:((هل تسمع النداء بالصلاة؟)) قال: نعم. قال:((فأجب)). رواه مسلم.
ــ
((قض)): الحديث يدل علي وجوب الجماعة، وقد اختلف العلماء فيه، وظاهر نصوص الشافعي رضي الله عنه تدل علي أنها من فروض الكفايات، وعليه أكثر الصحابة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية)) أي الشاة البعيدة من المشرب والراعي. واستحواذ الشيطان وهو غلبته إنما يكون مما تكون معصية، كترك الواجب، دون السنة. وذهب الباقون منهم إلي أنها سنة وليست بفرض، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك- رضي الله عنهما- وتمسكوا بالحديث السابق، وأجابوا عن هذا بأن التحريق لاستهانتهم وعدم مبالاتهم بها، لا لمجرد الترك، ويشهد له ما له بعده من الحديث. وقال أحمد وداود- رضي الله عنهما-: إنها فرض علي الأعيان لظاهر الحديث وليست شرطاً في صحة الصلاة، وإلا لما صحت صلاة الفذ، وقد دل الحديث السابق علي صحتها.
وقال بعض الظاهرية بوجوبها واشتراطها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((من سمع المنادي فلم يمنعه من إتباعه عذر لم تقبل منه الصلاة التي صلاتها)) أجيب عنه بأن النداء نداء الجمعة، والمراد به أنه لم تقبل صلاته قبولا تاماً كاملاً، توفيقاً بينه وبين الحديث المتفق علي صحته. وذكر نحوه الشيخ محيي الدين، وزاد عليه حيث ذكر: قيل: فيه دليل أن العقوبة كانت في بادئ الأمر بإحراق المال. وقيل: أجمع العلماء علي منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الصلاة، والغال من الغنيمة، والجمهور علي منع تحريق متاعهما. وفي قوله:((ثم آمر رجلاً فيؤم الناس)) دليل علي أن الإمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلي بالناس، وعلي جواز انصراف الإمام لعذر.
الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((رجلا أعمى)) ((مح)): هو ابن أم مكتوم جاء مستفسراً في رواية أبي داود وغيره من أصحاب السنن. وفيه دلالة لمن قال: الجماعة واجبة. وأجاب الجمهور عنه بأنه قد أجمع المسلمون علي حضور الجماعة يسقط بالعذر، ودليله من السنة حديث عتبان بن مالك أنه قال:((يا رسول الله! إني قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي، وإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، ولم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي لهم)) الحديث. وأما ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم له ثم رده ثم قوله:((فأجب)) فيحتمل أنه كان بوحي نزل في الحال، وأنه تغير اجتهاده، وذلك أنه رخص له أولا إما للعذر، وإما لأن فرض