للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٧١ - وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تؤخروا الصلاة لطعام ولا لغيره)). رواه في ((شرح السنة)). [١٠٧١]

الفصل الثالث

١٠٧٢ - عن عبد الله بن مسعود، قال: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة

ــ

للغائط. قيل في قوله: ((فقد خانهم)): نسب الخيانة إلي الإمام باختصاصه الدعاء لنفسه، لأن شرعية الجماعة أن يفيض كل من الإمام والمأموم الخير علي صاحبه ببركة قربه من الله تعالي، فمن خص نفسه فقد خان صاحبه، وشرعية الاستئذان والحجاب إنما كانت لئلا يهجم قاصد علي عورات البيت، فالنظر في قعر البيت خيانة، والصلاة إنما هي مناجاة وقرب إلي الله تعالي واشتغال عن الغير، والحاقن كأنه يخون نفسه حقها. ولعل توسيط الاستئذان بين حالتي الصلاة، للجمع بين مراعاة حق الله تعالي وحق العباد، وتخصيص الاستئذان بالذكر لأنه من مراعاة حق العباد، ومن راعى هذه الدقيقة فهو لمراعاة ما فوقها أحرى وأجدر.

الحديث العاشر عن جابر: قوله: ((لا تؤخروا الصلاة لطعام)) ((تو)): المعنى لا تؤخروها عن وقتها، وإنما ذهبنا إلي ذلك دون التأخير علي الإطلاق لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعشاء)) فجعل له تأخير الصلاة مع بقاء الوقت في هذا الحديث، وعلي هذا فلا اختلاف بين الحديثين، وأقول: يمكن أن يكون المعنى لا تؤخروا الصلاة لغرض الطعام لكن إذا حضر الطعام أخروها للطعام، قدمت للاشتغال بها عن الغير تبجيلاً لها، وأخرت تفريغاً للقلب عن الغير تعظيماً، لها فلها الفضل تقديماً وتأخيراً. والأوجه أن يقال: إن النهي في الحقيقة وارد علي إحضار الطعام، والملابسة بغيره قبل أداء الصلاة، أي لا تتعرضوا لما إن حضرت الصلاة تؤخروها لأجله، من إحضار الطعام، والاشتغال بغيره.

الفصل الثالث

الحديث الأول عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((لقد رأينا وما يتخلف)) قد تقرر أن اتحاد الفاعل والمفعول إنما يسوغ في أفعال القلوب، وأنها من الدواخل علي المبتدأ والخبر، والمفعول الثاني الذي هو بمنزلة الخبر هنا محذوف، وسد قوله: ((وما يتخلف عن الصلاة)) وهو حال سد مسده، وقوله: ((إن كان)) استئناف، والتنكير في ((مريض)) للتفخيم، أي ما يتخلف إلا منافق، أو مريض بين المرض عاجز، فتوجه لسائل أن يقول: فما بال المريض الذي ليس كذلك؟ فأجيب إن كان إلي آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>