وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه. وفي رواية قال: من سره أن يلقى الله تعالي غداً مسلماً؛ فليحافظ علي هذه الصلوات الخمس، حيث ينادي بهن، فإن اله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلي مسجد من هذه المساجد؛ إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ورفعه بها درجة، وحط عنه بها سيئة، ولقد رأينا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتي به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف. رواه مسلم.
١٠٧٣ - وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((لولا ما في البيوت من النساء
ــ
وفيه من التشديد والتأكيد علي ما لا يخفي من إتيان ((إن)) المخففة، واللام المؤكدة الفارقة، والإبهام بإضمار ضمير الشأن، وخصوصية التهادي المنبئ عن كمال اعتنائه بشأن الجماعة، كل ذلك تشديد وتأكيد لترك التخلف عن الجماعة. ((مح)): هذا دليل ظاهر علي صحة ما سبق تأويله في الذين هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوتهم، أنهم كانوا منافقين.
قوله:((سنن الهدي)) ((مح)): روى بضم السين وفتحها، والمعنى متقارب، أي طريق الهدى والصواب.
قوله:((هذا المتخلف)) في اسم الإشارة إشارة إلي تحقيره وتبعيده عن مظان الزلفي، كما أن اسم الإشارة في قوله:((هذه المساجد)) ملوح إلي تعظيمها، وبعد مرتبتها في الرفعة. ((لضللتم)) يدل علي أن المراد بالسنة العزيمة.
قوله:((يهادي بين الرجلين)) ((نه)): أي يمشي بينهما معتمداً عليهما من ضعفه وتمايله، من تهادت المرأة في مشيها، إذا تمايلت. ((مح)): في هذا كله تأكيد أمر الجماعة، وتحمل المشقة في حضورها، وأنه إذا أمكن للمريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها.
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((من النساء)) بيان لما عدل من ((من)) إلي ((ما)) إما لإرادة الوصيفة، وبيان أن النساء والذرية بمنزلة ما لا يعقل، وأنه مما لا يلزمه حضور الجماعة، وإما أن البيوت محتوية عليهما وعلي الأمتعة والأثاث، فخصا بالذكر للاعتناء