للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٩١ - وعن جابر بن سمرة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآنا حلقا، فقال: ((مالي أراكم عزين؟!)). ثم خرج علينا فقال: ((ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟)) فقلنا: يا رسول الله! وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: ((يتمون الصفوف الأولي، ويتراصون في الصف)). رواه مسلم.

١٠٩٢ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها. وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)). رواه مسلم.

ــ

قوله: ((حتى يؤخرهم الله)) ((مح)): أي عن رحمته، وعظيم فضله، ورفيع منزلته، وعن العلم ونحو ذلك. أقول: جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في الفصل الثالث: ((حتى يؤخرهم الله في النار)) ومعناه لا يزال يؤخرهم عن رحمته وفضله حتى تكون عاقبة أمرهم إلي النار.

الحديث السابع عن جابر: قوله: ((خرج علينا)) أي طلع. ((حلقاً)) ((تو)): أي رآنا جلوساً حلقة حلقة، كل صف منها قد تحلق.

قوله: ((عزين)) أي جماعات متفرقين حلقة حلقة. ((نه)): هي جمع عزة، وهي الحلقة المجتمعة من الناس، وأصلها عزوة فحذفت الواو، وجمعت جمع السلامة علي غير قياس، كثبين وبرين جمع ثبة وبرة. والمعنى ما لي أركم أشتاتاً متفرقين، وفي معناه قوله سبحانه: {عين اليمين وعين الشمال عزين}.

أقول: قوله: ((ما لي أراكم عزين)) إنكار علي رؤيته صلى الله عليه وسلم إياهم متفرقين أشتاتاً، والمقصود الإنكار عليهم كائنين علي تلك الحالة، يعني لا ينبغي لكم أن تتفرقوا ولا تكونوا مجتمعين مع توصيتي إياكم بذلك، وكيف وقد قال الله تعالي: {واعتصموا بحمل الله جميعاً ولا تفرقوا}. ولعل العذر من طرفي، وذلك أنكم مجتمعون، وإني أراكم متفرقين، ولو قال: ((وما لكم متفرقين)) لم يفد من المبالغة فائدة. ونظيره قوله تعالي: {مالي لا أرى الهدهد} حكاية عن سليمان عليه السلام، أنكر علي نفسه عدم رؤية الهدهد إنكاراً بليغاً علي معنى أنه لا يراه وهو حاضر لساتر ستره، أو غير ذلك من الأعداء الخارجين.

<<  <  ج: ص:  >  >>