للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثاني

٢٩_ عن معاذ، قال: قلت يارسول الله! أخبرني بعمل يدُخلُني الجنَّة، ويباعدنُي من النار. قال: (لقد سألت عن أمر عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله

ــ

الحديث. رواه مالك في المؤطأ. وبينه ما روي في حديث آخر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب: أني قد غفرت لهم ما خلا المظالم، فإنني آخذ للمظلوم منه، قال: أي رب إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة، وغفرت للظالم، فلم يجب عشية، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر وعمر: ما يضحكك يا رسول الله؟ فقال: إن عدو الله إبليس لما علم أن الله (عز وجل) قد استجاب دعائي لأمتي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه، ويدعو بالويل والثبور، فأضحكني ما لأمتي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه، ويدعو بالويل والثبور، فأضحكني ما رأيت من جزعه) رواه ابن ماجه في سننه، والله أعلم.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن معاذ: قوله يدخلني ويباعدني) (تو:) الجزم فيهما على جواب الأمر غير مستقيم راوية ومعنى. قلنا: أما الرواية فغير معلومة، وأما المعنى فاستقامته ما ذكره القاضي، قال: وإن صح الجزم فيه كان جزاء لشرط محذوف، تقديره: أخبرني بعمل إن عملته يدخلني الجنة، والجملة الشرطية بأسرها صفة لعمل، أو جوابا للأمر، وتقديره أن إخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم -

لما كان وسيلة إلى عمله، وعمله ذريعة إلى دخول الجنة كان الإجبار سببا بوجه ما لإدخال العمل إياه في الجنة. (مظ): إذا جعل (يدخلني) جواب الأمر يبقى (بعمل) غير موصوف، والنكرة غير الموصوفة لا تفيد. والجواب أن التنكير فيه للتفخيم أو النوع، أو بعمل عظيم أو معتبر في الشرع، بقرينة قوله: (سألتني عن عظيم) ولأن مثل معاذ لا يسأل من مثله - صلى الله عليه وسلم - بما لا

جدوى له.

اعلم أن في مثل هذا مذهبين: أحدهما مذهب الخليل: وهو أن يجعل الأمر بمعنى الشرط، وجوابه جزاء. وثانيهما مذهب سيبويه: أن الجواب جزاء شرط محذوف، وعلى التقديرين التركيب من باب إقامة السبب الذي هو الإخبار مقام المسبب الذي هو العمل؛ لأن العمل هو السبب الظاهر لا الإخبار؛ لأن الإخبار إنما يكون سببا للعمل إذا للعمل إذا كان المخاطب مؤمنا معقدا. موافقا، كقوله تعالى: (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة) قال ابن الحاجب: (يقيموا) جواب (قل) أي قل لعبادي يقيموا. وما اعترض عليه من أن الإقامة ليست بملازمة للقول ليس بشيء، فإن الجواب لا يقتضي الملازمة العقلية، وإنما يقتضي الغلبة، وذلك حاصل، فإن أمر الشارع (صلوات الله عليه وسلامه) للمؤمن بإقامة الصلاة يقتضي إقامة الصلاة منه غالبا، وكقوله تعالى: (هل أدلكم على تجارة تنجيكم _ إلى قوله _ يغفر لكم) فإن (يغفر لكم)

ــ

<<  <  ج: ص:  >  >>