١١٩٦ - وعنه، أنه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ، فتسوك، وتوضأ وهو يقول:(إن في خلق السموات والأرض ..) حتى ختم السورة، ثم قام فصلي ركعتين أطال فيهما القيام والركوع، والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث. رواه مسلم.
ــ
{ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} وأجاب: المفعول فيه عدى إليه الفعل نحو تعديته إلي المفعول به، وكما اختلفت حروف التعدية في ذلك اختلفت في هذا. وكانت لغة تؤخذ ولا تقاس، وإنما يفتش عن صحة موقعها، يقولون: جلس عن يمينه وعلي يمينه وعن شماله وعلي شماله. قلنا: معنى علي يمينه أنه تمكن من اليمين تمكن المستعلي من المستعلي عليه، ومعنى عن يمينه: جلس متجاوزاً عن صاحب اليمين منحرفاً عنه غير ملاصق به. وكذا ما نحن بصدده، خص القلب، والبصر، والسمع بـ ((في)) الظرفية، لأن القلب مقر الفكر في آلاء الله ونعائمه، ومكانها ومعدنها. والبصر: مسارح آيات الله المنصوبة المبثوثة في الآفاق، والأنفس، ومحلها. والأسماع: مراسي أنوار وحي الله، ومحط آياته المنزلة علي أنبياء الله. واليمين والشمال: خصا بـ ((عن)) للإيذان بأنه تجاوز الأنوار عن قلبه وبصره وسمعه إلي من عن يمينه وشماله من الخلق، وعزلت فوق وتحت وأمام وخلف من الجارة؛ ليستمد استنارته وتوكيداً له. قيل: في الحديث دليل علي أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة، وأن صلاة الصبي صحيحة، وأن له موقفاً من الإمام كالبالغ، وأن الجماعة في غير المكتوبات سنة.
الحديث التاسع عن ابن عباس: قوله: ((فاستيقظ)) الفاء عطفت ما بعدها علي محذوف. وقوله:((إنه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم)) معنى ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما، لا حكاية لفظه، فالتقدير أنه قال: رقدت في بيت خالتي ميمونة، ورقد رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، فاستيقظ، يدل علي هذا التقدير الحديث السابق. قوله:((ست ركعات)) مع ما بعده بدل من ((ثلاث مرات))؛ لأنه إذا حصل في كل ركعة ركعتان، صح أن يبدل ست ركعات من ثلاث مرات أي يفعل ذلك في ست مرات.
قوله:((كل ذلك)) متعلق بـ ((يستاك)) أي في كل ذلك يستاك، ويتوضأ، ويقرأ، ويصلي. و ((ثم) في قوله: ((ثم فعل ذلك)) لتراخي الإخبار تقريراً وتوكيداً، لا لمجرد العطف، لئلا يلزم منه أنه فعل ذلك أربع مرات، ونظير إبدال ست ركعات من ثلاث مرات، إبدال ((ثلاث عورات))