١٢٢١ - وعن ابن مسعود، قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقيل له: مازال نائماً حتى أصبح، ما قام إلي الصلاة. قال:((ذلك رجل بال الشيطان في أذنه)) أو قال: ((في أذنيه)). متفق عليه.
١٢٢٢ - وعن أم سلمة، قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعاً، يقول:
ــ
العبد بالذكر مشعر بغاية الإكرام والقرب من الله تعالي؛ ومن ثم وصفه به في مقام الإسراء، ولأن العبودية تقتضي صحة النسبة، وليست إلا بالعبادة، والعبادة عين الشكر.
الحديث الثالث عن ابن مسعود: قوله: ((فقيل)) الفاء مفسرة، مثلها في قوله تعالي:{فتوبوا إلي بارئكم فاقتلوا أنفسكم} إذا فسرت التوبة بالقتل. و ((أصبح)) يحتمل أن تكون تامة و ((ما قام)) في محل النصب حالا من الفاعل، أي أصبح وحاله أنه غير قائم إلي الصلاة، وأن تكون ناقصة و ((ما قام)) خبرها، أي غير قائم، ويحتمل أن يكون ((ما قام)) جملة مستأنفة مبينة للجملة الأولي، أو مؤكدة مقررة لها.
قوله:((بال الشيطان في أذنه)) ((قض)): هو تمثيل، شبه تثاقل نومه وإغفاله عن الصلاة وعدم انتباهه بصوت المؤذن مع إحساس سمعه إياه- بحال من بيل في أذنه، فيثقل سمعه ويفسد حسه. وقيل: هو كناية عن استهانة الشيطان والاستخفاف به، فإن من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه، والأول من كلام الشيخ الخطابي، والثاني من كلام الشيخ التوربشتي رضي الله عنهما. وقال الخطابي: البول ضار مفسد، فلهذا ضرب به المثل، قال الراجز:
بال سهيل في الفضيح ففسد
جعل طلوع سهيل وإفساده الخمر بمثابة ما يقع البول في الشيء فينجسه، ((تو)): يحتمل أن يقال: إن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل، فأحدث في أذنه وقراً عن استماع دعوة الحق. ((نه)): قيل: معنى ((بال)) سخر منه وظهر عليه حتى نام عن طاعة الله.
وأقول: خص الأذن بالذكر، والعين بالنوم، إشارة إلي ثقل النوم، فإن المسامع هي موارد الانتباه بالأصوات ونداء ((حي علي الفلاح))، قال الله تعالي:{فضربنا علي آذانهم في الكهف} أي أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات. وخص البول من بين الأخبثين؛ لأنه من خباثته أشد مدخلاً في تجاويف الخروق والعروق، ونفوذه فيها، فيورث الكسل في جميع الأعضاء.