للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم). رواه الترمذي،

والنسائي.

٣٤_ وزاد البيهقي في (شعب الإيمان) برواية فضالة: (والمجاهد من جاهد

نفسه في طاعة الله والمهاجرُ من هجر الخطايا والذنوب).

٣٥_ وعن أنس رضي الله عنه، قال: قلما خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قال: (لا

ــ

قوله: (والمجاهد من جاهد نفسه) (مظ): يعنى المجاهد ليس من قاتل الكفار فقط، بل

المجاهد من حارب نفسه وحملها وأكرهها على طاعة الله تعالى؛ لأن نفس الرجل أشد عداوة

معه من الكفار؛ لأن الكفار أبعد منه، ولا يتفق التلاحق والتقابل معهم إلا حينا بعد حين،

وأما نفسه فأبدا تلازمه، وتمنعه من الخير والطاعة، ولا شك أن القتال مع العدو الذي يلازم

الرجل أهم من القتال مع العدو الذي هو بغيد منه، قال الله تعالى: (قاتلوا الذين يلونكم من

الكفار).

أقول: اللام في قوله: (المجاهد) للجنس أي المجاهد الحقيقي الذي ينبغي أن يسمى مجاهدا

من جاهد نفسه، وكأن مجاهدته مع غيره بالنسبة إليه كلا مجاهدة، ونحوه قوله (عليه الصلاة

والسلام) في حديث أبي هريرة (رضي الله عنه): (فذلكم الرباط) كما سيجيء بيانه.

قوله: (والمهاجر) (قض): الحكمة في الهجرة أن يتمكن المؤمن من الطاعة بلا مانع ولا

وازع، ويتبرأ عن صحبة الأشرار المؤثرة بدوامها في اكتساب الأخلاق الذميمة، والأفعال

الشنيعة، فهي في الحقيقة التحرز عن ذلك، والمهاجر الحقيقي من يتحاشى عنها.

ــ

<<  <  ج: ص:  >  >>