للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٣٢ - وعنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نفث علي نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه، كنت أنفث عليه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.

وفي رواية لمسلم، قالت: كان إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذت.

ــ

نفس شريفة قدسية طاهرة زكية من أوضار الذنوب، وأوساخ الآثام، ظاهرة جلية بما تواترت الأنوار عليها من مطلعي الجلال والإكرام. فلما تبرك باسم الله الشافي، ونطق بها، ضم إليه تلك التربة والريقة وسيلة إلي المطلوب من التشفي، فتكون اللام في ((ليشفي)) متعلقة بالتبرك المقدر. ويعضده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بزق في عين علي رضي الله عنه فبرأ من الرمد، وفي بئر الحديبية فامتلأت ماء إلي غير ذلك. ونظير قوله: ((بعضنا)) ((بعضهم)) في قوله: {ورفع بعضهم درجات} ((الكشاف)): الظاهر أنه أراد بالبعض محمدًا صلى الله عليه وسلم لأنه هو المفضل علي سائر الأنبياء. وفي هذا الإبهام من تفخيم فضله وإعلاء قدره ما لا يخفي، لما فيه من الشهادة علي أنه العلم الذي لا يشتبه، والمتميز الذي لا يلتبس. ويقال للرجل: من فعل هذا؟ فيقول: بعضكم، يريد به الذي تعورف واشتهر بنحوه من الأفعال، فيكون أفخم من التصريح به، وأنوه بصاحبه. ((مح)) قالوا: المراد بـ ((أرضنا)) جملة الأرض. وقيل: أرض المدينة خاصة؛ لبركتها. وكان صلى الله عليه وسلم يأخذ من ريق نفسه علي إصبعه السبابة، ثم يضعها علي التراب، فيعلق بها منه، فيمسح بها علي الموضع الجريح والعليل، ويتلفظ بهذه الكلمات في حال المسح. ((شف)). هذا يدل علي جواز الرقية ما لم تشتمل علي شيء من المحرمات، كالسحر وكلمة الكفر. والله أعلم.

الحديث العاشر عن عائشة: قوله: ((نفث علي نفسه)) ((نه)): النفث بالفم، وهو شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل؛ لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق.

قوله: ((بالمعودات)) ((مظ)): حقه أن يقال: بالمعوذتين؛ لأنهما سورتان، ولكن أتى بلفظ الجمع، إما لأنها أجرت التثنية مجرى الجمع، أو لأنها تعنى بالمعوذات هاتين السورتين، وكل ما يشبهها من الآيات. ومن ذهب إلي أن أقل الجمع اثنان، فلا يرد عليه هذا، وفيه أن الرقية والنفث بكلام الله تعالي سنة.

قوله: ((مسح عنه بيده)) الضمير في ((عنه)) راجع إلي ذلك النفث، والجار والمجرور حال، أي نفث علي بعض جسمه صلى الله عليه وسلم، ثم مسح بيده متجاوزًا عن ذلك النفث إلي سائر أعضائه صلى الله عليه وسلم. ((شف)): لعله صلى الله عليه وسلم لما علم أنه آخر مرضه، وأن ارتحاله عن الدنيا عن قريب ترك قراءتهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>