للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)). فقالت عائشة أو بعض أزواجه: إنا لنكره الموت. قال: ((ليس ذلك؛ ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه. وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله، وكره الله لقاءه)). متفق عليه.

١٦٠٢ - وفي رواية عائشة: ((والموت قبل لقاء الله)).

١٦٠٣ - وعن أبي قتادة، أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة، فقال: ((مستريح، أو مستراح منه)). فقالوا: يا رسول الله! ما المستريح، والمستراح منه؟ فقال: ((العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلي رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد، والبلاد، والشجر، والدواب)) متفق عليه.

ــ

الحديث الثالث والرابع عن عبادة: قوله: ((من أحب لقاء الله)) ((نه)): المراد باللقاء المصير إلي الدار الآخرة، وطلب ما عند الله، وليس الغرض به الموت؛ لأن كلا يكرهه، فمن ترك الدنيا وأبغضها، أحب لقاء الله ومن آثرها وركن إليها، كره لقاء الله؛ لأنه إنما يصل إليه بالموت.

وقوله: ((والموت دون لقاء الله)) تبين أن الموت غير اللقاء، ولكنه معترض دون الغرض المطلوب، فيجب أن يصبر عليه، ويحتمل مشاقه حتى يصل إلي الفوز باللقاء. يريد أن قول عائشة رضي الله عنها: ((إنا لنكره الموت)) يوهم أن المراد من لقاء الله في قوله:

((من كره لقاء الله)) الموت، وليس بذلك؛ لأن لقاء الله غير الموت، بدليل قوله: ((والموت قبل لقاء الله)) فلما كان الموت وسيلة إلي لقاء الله، عبر عنه بلقاء الله. وعن بعضهم: قوله: ((الموت قبل لقاء الله)) يدل علي أن الله تعالي لا يرى في الدنيا في اليقظة، لا عند الموت ولا قبل الموت. وروى الإمام في تفسيره: أن إبراهيم عليه السلام قال لملك الموت – وقد جاء يقبض روحه -: ((هل رأيت خليلاً يميت خليله؟ فأوحى الله إليه: هل رأيت خليلاً يكره لقاء خليله؟ فقال: يا ملك الموت، أما الآن فاقبض)). قد ذهب الشيخ الأشرف إلي أن صاحب النهاية مال إلي مذهب الاعتزال في تفسيره السابق، وليس في كلامه السابق ما يوهم نفي الرؤية فضلاً عن الإنكار، بل قوله: ((طلب ما عند الله)) شامل لكل ما يحصل للمكلف من المراتب العلية، والمباغي السنية. ولا مبتغي ولا مطلوب أعلي وأسنى من رؤية الله تعالي. رزقنا الله بفضله وكرمه.

الحديث الخامس عن أبي قتادة: قوله: ((مستريح)) ((نه)): يقال: أراح الرجل واستراح، إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>