للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦١١ - وعن عبيد الله بن خالد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((موت الفجاءة أخذة الأسف)). رواه أبو داود، وزاد البيهقي في ((شعب الإيمان)). ورزين في كتابه: ((أخذة الأسف للكافر ورحمة للمؤمن)) [١٦١١]

١٦١٢ - وعن أنس، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم علي شاب وهو في الموت، فقال: ((كيف تجدك؟)) قال: أرجو الله يا رسول الله! وإني أخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن؛ إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف)) رواه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث غريب [١٦١٢]

ــ

الحديث السادس عن عبيد الله: قوله: ((موت الفجاءة)) الفجاءة بالمد والقصر مصدر، فجئه الأمر إذا جاء بغتة، وقد جاء منه فعل بالفتح. قوله: ((أخذة الأسف)) ((فا)): أي أخذة سخط من قوله تعالي: ((فلما آسفونا انتقمنا))؛ لأن العصيان لا يخلو من حزن ولهف. فقيل له أسف حتى كثر، ثم استعمل في موضع لا مجال للحزن فيه، وهذه الإضافة بمعنى ((من)) كخاتم فضة. قالوا: روي ((الأسف)) في الحديث بكسر السين وفتحها، الكسر العصيان، والفتح الغضب، أي موت الفجأة من آثار غضب الله تعالي، فإنه أخذه بغتة، ولم يتركه لأن يستعد لمعادة بالتوبة. أخذه من مضى من العصاة المردة، كما قال تعالي: {فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون} وهو مخصوص بالكفار بدليل قوله: ((أخذة أسف للكافر، ورحمة للمؤمنين)). الحديث السابع عن أنس: قوله: ((كيف تجدك)) تجد من أفعال القلوب، ولذلك اتحد فيه الفاعل والمفعول، و ((كيف)) سؤال عن الحال، أي علي أي حال تجد نفسك، ولذلك أجاب بقوله: أرجو الله، أي أجد نفسي راجياً رحمة الله خائفاً عقابه، فأبرز الجملة الأولي في معرف الفعلية، والثانية بالاسمية، وصدرها بـ ((إن)) التحقيقية تنبيهاً علي أن خوفه كان محققاً مستمراً، ورجاؤه حدث عند سياق الموت. وأيضاً راعى في نسبة الرجاء إلي الله، والخوف إلي الذنب أدباً حسناً؛ وكذلك ينبغي للمؤمن أن يحسن الظن بالله، ويرجح جانب الرجاء علي الخوف، كما سبق. وقوله: ((يا رسول الله)) اعترض في غاية من الحسن كأنه يحقق رجاءه وزوال خوفه مستشفعاً بمكانة من اسمه رسول الله. وقوله: ((لا يجتمعان)) خبر مبتدأ محذوف، أي هاتان الخصلتان لا تجتمعان. ((فا)): مثل)) زائدة، والمراد بـ ((المواطن)) سياق الموت. والموطن: يحتمل أن يكون اسم مكان، أي في مثل هذا المكان، واسم زمان كمقتل حسين رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>