١٦١٣ - عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنوا الموت فإن هول المطلع شديد، وإن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله عز وجل الإنابة)) رواه أحمد. [١٦١٣]
١٦١٤ - وعن أبي أمامة، قال: جلسنا إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرنا ورققنا، فبكى سعد بن أبي وقاص، فأكثر البكاء، فقال: يا ليتني مت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((يا سعد! أعندي تتمنى الموت؟!)) فردد ذلك ثلاث مرات، ثم قال:((يا سعد! إن كنت خلقت للجنة فما طال عمرك وحسن من عملك؛ فهو خير لك)) رواه أحمد. [١٦١٤]
ــ
الفصل الثالث
الحديث الأول عن جابر: قوله: ((هول المطلع)) ((نه)): المطلع مكان الاطلاع من موضع عال، يقال: مطلع هذا الجبل من موضع كذا، أي مأتاه ومصعده، يريد به ما يشرف عليه من سكرات الموت وشدائده، فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال.
أقول: علل النهي عن تمني الموت أولاً بشدة المطلع؛ لأنه إنما يتمناه من قلة صبر وضجر، فإذا جاء متمناه يزداد ضجراً علي ضجر، فيستحق مزيد سخط علي سخط، وثإنياً بحصول السعادة في طول العمر؛ لأن الإنسان إنما خلق لاكتساب السعادة الأبدية، ورأس ماله العمر، هل رأيت تاجراً يضيع رأس ماله؟ فإذا بماذا يربح إذا ضيعه؟ {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين}.
الحديث الثاني عن أبي أمامة: قوله: (ورققنا)) أي رقق أفئدتنا بالتذكير والموعظة وهذا حد الوعظ؛ لأنه هو الكلام الذي يلين القلوب القاسية، ويرغب الأفئدة النافرة، ترهيباً من عقاب الله، وترغيباً في رحمته. فإن قلت: كيف جيء بـ ((إن)) المشكوك وقوع شرطها، وسعد من العشرة المبشرة بالجنة قطعاً؟ قلت:((إن)) فيه كما في قوله تعالي: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} فهي وإن كانت صورتها صورة الشرطية، لكن معناها التعليل، تعني كيف تتمنى الموت عندي وأنا بشرتك بالجنة، أي لا تتمن؛ لأنك من أهل الجنة، وكلما