١٦٦٣ - وعن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة)) قلنا: وثلاثة؟ قال:((وثلاثة)) قلنا: واثنان؟ قال:((واثنان))، ثم لم نسأله عن الواحد. رواه البخاري.
١٦٦٤ - وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلي ما قدموا)). رواه البخاري.
ــ
((مظ)): ليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((أنتم شهداء الله)) أن ما يقول الصحابة والمؤمنون في حق شخص من استحقاقه الجنة أو النار يكون كذلك؛ لأن من يستحق الجنة لا يصير من أهل النار بقولهم، ولا من يستحق من أهل الجنة بقولهم، بل معناه: أن الذي أثنوا عليه خيراً، رأوا منه الصلاح والخيرات في حياته، والخيرات والصلاح علامة كون الرجل من أهل الجنة، والذي أثنوا عليه شراً، رأوا منه الشر والفساد، والشر والفساد علامة أهل النار؛ فشهد النبي صلى الله عليه وسلم للأول بالجنة، وللثإني بالنار. وتأويل قطعه صلى الله عليه وسلم للأول بالجنة، وللثإني بالنار أنه اطلعه الله تعالي علي ذلك، وليس هذا الحكم عاماً في كل من شهد له جماعة بالجنة أو بالنار. ألا ترى أنه لا يجوز أن يقطع بكون أحد أنه من أهل الجنة، أو من أهل النار وإن شهد له جماعة كثيرة، بل ترجى الجنة لمن شهد له جماعة بالخير، وتخاف النار لمن شهد له جماعة بالشر.
أقول: لا ارتياب أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وجبت)) بعد ثناء الصحابة رضي الله عنهم حكم، عقب وصفاً مناسباً، وهو يشعر بالعلية. وكذا الوصف بقوله:((أنتم شهداء الله)) لأن الإضافة فيه للتشريف، وأنهم بمكان ومنزلة عالية عند الله. وهو أيضاً كالتزكية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وإظهار عدالتهم بعد أداء شهادتهم لصاحب الجنازة، فينبغي أن يكون لها أثر ونفع في حقه وأن الله تعالي يقبل شهادتهم ويصدق ظنونهم في حق المثني عليه كرامة لهم وتفضلاً عليهم كالدعاء والشفاعة، فيوجب لهم الجنة أو النار علي سبيل الوعد أو الوعيد؛ لأن وعده حق لابد من وقوعه، فهو كالواجب إذ لا أثر للعمل ولا للشهادة في الوجوب. وإلي معنى الحديث برمز قوله تعالي:{وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} أي جعلناكم عدولاً خياراً لتشهدوا علي غيركم، ويكون الرسول رقيباً مهيمناً عليكم، ومزكياً لكم، ويبين عدالتكم. والله أعلم.