١٧٢٧ - وعن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله صلي الله وعليه وسلم: ((أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة)) وقال: ((النائحة إذا لم تتب قبل موتها؛ تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب)). رواه مسلم.
ــ
فتنازعا فيه. قوله:((حلق)) أي حلق شعره عند المصيبة. ((وصلق)) ((نه)): هو الصوت الشديد يريد رفعه في المصائب، وعند الفجيعة بالموت، ويدخل فيه الموت. ويقال بالسين. و ((خرق)) أي شق ثوبه علي المصيبة، وكان ذلك في أغلب الأحوال من صنيع النساء.
الحديث السادس عن أبي مالك: قوله: ((في أمتي، ومن أمر الجاهلية، ولا يتركونهن)) يحتمل وجوهاً من الإعراب أحسنها: أن يكون ((في أمتي)) خبراً لـ ((أربع)) أي خصال أربع كائنة في أمتي. ((ومن أمر الجاهلية، ولا يتركونهن)) حالان من الضمير المتحول إلي الجار والمجرور، المعنى: أن هذه الخصال تدوم في الأمة لا يتركونهن بأسرهم تركهم لغيرها من سنن الجاهلية، فإنهم إن تركهن طائفة باشرهن آخرون.
قوله:((الفخر في الأحساب)) قال ابن السكيت: الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن لآبائه شرف، والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء. ((فا)): الفخر بها هو تعداد الرجل من مآثره ومآثر الآباء، ومنه قولهم: من فات حسب نفسه لم ينتفع بحسب أبيه. ((مظ)): الطعن: العيب، وما هو أن يحقر آباء غيره، ويعظم آباءه، اللهم إلا بالإسلام والكفر.
أقول: ويجوز أن يكني بالطعن في أنساب الغير عن الفخر بنسب نفسه، فيجتمع له الحسب والنسب، وأن يحمل علي الطعن في نسب نفسه، أن يقال: لي حسب؛ [والأدردفي] النسب، قال:
إنا بنى نهشل ... لا ندعى لأب
والاستقساء بالنجوم: طلب السقيا، وتوقع الأمطار عند وقوع النجوم والأنواء، كما كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا.
قوله:((قبل موتها)) أي قبل حضور موتها. ((تو)): إنما قيد ليعلم أن من شرط التوبة أن يتوب التائب وهو يأمل البقاء، ويتمكن من تأتى العمل الذي يتوب منه، ومصداق ذلك قوله تعالي:{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهو كفار}. وقوله:((تقام)) يحتمل أنها تحشر، ويحتمل أنها تقام علي تلك الحالة بين أهل النار وأهل الموقف، جزاء علي قيامها في المناحة. وهو الأمثل.