للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٣٠ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسوة من الأنصار: ((لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه، إلا دخلت الجنة)). فقالت امرأة منهن: أو اثنان يا رسول الله؟ قال: ((أو اثنان)). رواه مسلم. وفي رواية لهما: ((ثلاثة لم يبلغوا الحنثَ)).

ــ

تنصب الفاء الفعل المضارع بتقدير ((أن)) إذا كان بين ما قبلها وما بعدها سببية، ولا سببية ههنا، إذ لا يجوز أن يكون موت الأولاد ولا عدمه سبباً لولوج أبيهم النار، فالفاء بمعنى الواو الذي للجمعية، وتقديره: لا يجتمع لمسلم موت ثلاثة من أولاده وولوجه النار. ونظيره ما ورد ما من عبد يقول في صبح كل يوم ومساء كل ليلة: ((بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم)) فيضره شيء بالنصب، وتقديره: لا يجتمع قول عبد هذه الكلمات في هذه الأوقات ومضرة شيء إياه.

أقول: إن كانت الرواية علي النصب، فلا محيد عن ذلك، والرفع يدل علي أنه لا يوجد ولوج النار عقيب موت الأولاد إلا مقداراً يسيراً. ومعنى وفاء التعقيب كمعنى الماضي في قوله تعالي: {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار} في أن ما سيكون بمنزلة الكائن، وأن ما أخبره الصادق عن المستقبل كالواقع.

قوله: ((تحلة القسم)) التحلة: مصدر كالتعزة، بمعنى التحليل. ((نه)): أراد بالتحلة {وإن منكم إلا واردها كان علي ربك حتماً مقضياً} كما يقال: ضربته تحليلاً، إذا لم يبالغ في ضربه، وهو مثل في القليل المفرط في القلة، وهو أن يباشر من الفعل الذي يقسم عليه المقدار الذي يبر به قسمه. ((تو)): قيل: القسم يضمر بعد قوله: ((وإن منكم إلا واردها)) أي وإن منكم والله إلا واردها. وقيل: موضع القسم مردود إلي قوله: {فوربك لنحشرنهم والشياطين}.

أقول: لعل المراد بالقسم ما دل علي القطع والبت من الكلام؛ فإن قوله تعالي: ((كان علي ربك حتماً مقضياً)) تذييل وتقرير لقوله: ((وإن منكم إلا واردها)) فهو بمنزلة القسم، بل هو أبلغ لمجيء الاستثناء بالنفي والإثبات، ولفظة ((كان))، و ((علي)) وتأكيد الحتم بالمقضي.

الحديث التاسع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فتحتسبه)) أي فتصبر راجية لرحمة الله وغفرانه، ليست هذه الفاء كما في ((فيلج)) بل هي للتسبيب للموت، وحرف النفي منصب علي السبب والمسبب معاً.

قوله: ((أو اثنان)) عطف علي قوله: ((ثلاثة)) أي قل يا رسول الله: أو اثنان، ونظيره قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>