وإليك بيان علل الحديث بعون الله وفضله: ١ - الاضطراب في الإسناد: حيث إن مداره في الأوجه الأربعة الأولى على معاوية بن يحيى الطرابلسي، واختلف عنه فيه على أربعة أوجه كما تقدم، والوجه الخامس أيضًا يخالف الأوجه الأولى، وله وجه سادس أيضًا كما سيأتي عند ذكر المصنف لحديث أبي ذر ﵁، وفي هذه دلالة بينة على اضطرابه. ٢ - الانقطاع بين مكحول وبين من فوقه في الإسناد: وبيان ذلك أن الغضيف بن الحارث الثمالي الكندي، نزيل حمص؛ مختلف في صحبته، والراجح أنه صحابي، كما قال البخاري والرازيان وابن حبان والطبراني وسائر المؤلفين في الصحابة وغيرهم، توفي سنة بضع وستين زمن فتنة مروان بن الحكم، وقيل: بل بقي إلى زمن عبد الملك، وهذا الذي رجحه البخاري والمزي وغيرهما. انظر: "الطبقات" لابن سعد (٥/ ٥٢١)، "التاريخ الكبير" (٧/ ١١٢)، رقم (٤٩٩)، و"الأوسط" (٢/ ١٠١٤)، رقم (٧٩٨)، "الجرح والتعديل" (٧/ ٥٤)، رقم (٣١١)، "الثقات" (٣/ ٣٢٦)، "التهذيب" (٢٣/ ١١٢ - ١١٦)، رقم (٤٦٩٣)، "التقريب" (٥٣٦١)، "الإصابة" (٦٩١٧). ومكحول لم يدرك إلا أفرادًا من الصحابة ممن تأخرت وفياتهم إلى ما بعد الثمانين؛ كأنس وواثلة وأبي هند الداري، وحديثه عن غير هؤلاء مرسل كما تقدم آنفًا، وغضيف بن الحارث هذا متقدم الوفاة جدًّا، ولم ينزل مكحول الشام إلا متأخرًا، حيث عتق بمصر، فجمع العلم بها، ثم رحل إلى العراق فجمع، ثم نزل المدينة فجمع العلم من أهلها، ولم يدرك بها ابن عمر وغيره من الصحابة، ثم نزل الشام، ولزم بيروت. وراجع ما تقدم من المصادر في ترجمة عطية بن بسر المازني ﵄. والله أعلم. ٣ - التدليس: وهذا بين بالنظر إلى رواية الوليد بن مسلم وإبراهيم بن مطهر وابن الرومي، مقارنة بإسناد بقية بن الوليد، وهو مدلس تدليس التسوية، فلو كان عنده بالإسناد العالي لما تركه إلى النازل. وأما رواية بقية بن الوليد: فتكشف رواية أشعث بن شعبة عن تدليس فيه، وذلك أنه زاد بين معاوية بن يحيى الطرابلسي وسليمان بن موسى رجلًا من بجيلة -مبهمًا- =