التنبيه الأول: جاء قول أبي حاتم المذكور أعلاه [شيخ قديم] في "تهذيب التهذيب" بلفظ: "صدوق قديم .. "، وهو في "تهذيب الكمال" بنحو ما ورد في "الجرح والتعديل" نفسه، وهو الذي يتوافق ومنتهى كلام أبي حاتم. التنبيه الثاني: بعض من علق الحديث من الوجه الرابع أخذ الإسناد من عند برد بن سنان، أو مكحول عن عطية بن بسر، فنسب الغلط فيه إلى عطية بن بسر، وهو الصحابي الجليل، كما تقدم. *** وأقدم ما وقفت في إحالة أمر هذا الحديث إلى عطية بن بسر ﵁ هو ما نقله العقيلي في "الضعفاء" (٣/ ٣٥٥ - ٣٥٦)، رقم (١٣٩٠)، وابن عدي في "الكامل" (٥/ ٣٧٠)، رقم (١٥٣١) عن الإمام البخاري، واعتمداه أصلًا في ذكرهما له في "الضعفاء"، وهو قوله: "عطية بن بسر عن عكاف بن وداعة لم يقم حديثه"، ففهماه على الجرح منه لعطية، واعتبروه -وكذلك ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٦/ ٣٨١)، رقم (٢١١٨) - غيرَ المازني الصحابي، وكذلك فعل ابن حبان في "الثقات" (٥/ ٢٦١) حيث أورده فيه، فقال: "شيخ من أهل الشام، حديثه عند أهلها، روى عنه مكحول في التزويج متنًا منكرًا، وإسناده مقلوب"، وتبعًا لهم أورده الذهبي في "المغني" (٤١٣٨) و"الميزان" (٣/ ٧٩)، رقم (٥٦٦٦)، فتعقبه في "الميزان" بقوله: "خرجت هذا تبعًا للبخاري، ثم إني وجدت له صحبة .. ، فإن صح أنه صحابي فيحول من هنا"، ثم اضطرب فيه مرة أخرى، إذ أن ابن الرومي نسبه بـ "الهلالي"، والصحابي مازني أخو عبد الله بن بسر المازني، وقال: "فإن كان ابن الرومي ضبط نسبه فهو آخر"، وهذا الاضطراب الأخير منه أفاد أمرًا هامًا أخرى في القضية، وهو اتضاح مبنى تفريق من جعله آخر غير الصحابي، وغفل عن أن الوليد بن مسلم وبقية نسباه في هذا الحديث بـ (المازني) وهما ثقتان، ولذا تعقبه الحافظ ابن حجر في "اللسان" (٥/ ٤٤٩)، رقم (٥٢٣٦) بقوله: "ذكره جمع جم من العلماء في الصحابة، وليس هو على شرط هذا الكتاب، والحديث في مسندي أحمد وأبي يعلى، وقد ذكره ابن عدي تبعًا للبخاري. والله أعلم". وانظر لترجمته: "سؤالات السلمي" (٨٣ و ٢٣٢)، "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (٤/ ٢٢١٦)، رقم (٢٣١٨)، "الاستيعاب" (١٩٨٤)، "الإصابة" (٧/ ١٨٦)، رقم (٥٥٩٣). ولعل البخاري ومن تبعه لما نظروا إلى أن رواة الحديث عن برد عن مكحول عن عطية بن بسر عن عكاف جماعة، صرفوا أمر الحديث على من فوقهم، فوجدوا برد بن سنان ومكحولًا ثقتين، وعكافًا صحابيًا في الرواية، فأحالوا الغلط فيه إلى من هو دونه، واعتبروه تابعيًا مجهولًا، دون أن يتطرق في الأذهان أن الجماعة تفرد به ابن الرومي المذكور عنهم، وهو الآفة، لا غير. والله أعلم. =