فالرجل -كما هو ظاهر- مختلفٌ فيه بين كبارِ النقادِ، والقولُ فيه -في نظري- ما قال ابن عديٍّ؛ لأنه فَسَّرَ جَرحَهُ أولًا، ثم سبر أحاديثَه وبيَّن جهاتِ وقوعِ الخللِ فيها. ومما يدل على ضعفه في هذا الحديث خاصةً أنه قد رواه عن أبي عاصم كرواية الجماعة؛ فجعله عن أيمن بن نابل عن أبي الزبير. أخرج روايته الدارقطني، وقد تقدم العزو إليه. وعليه فإن رواية الثوري هذه لا تثبت عنه، بل هي مُنكَرَةٌ. * وروي أيضًا من طريق ابن جُريجٍ عن أبي الزبير عن جابر به: أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٢/ ٢٨١)، وأشار إليه الدارقطني في "العلل" (١٣/ ٣٤٣). وهو منكرٌ أيضًا؛ رواه حميد بن الربيع عن أبي عاصم عن ابن جريج. قال ابنُ عدي: "وهذا الحديثُ عن ابن جريجِ والثوريِّ عن أبي الزبيرِ باطلان، ليس يرويهما عن أبي عاصمِ غيرُ حميدِ بنِ الربيع". "الكامل" (٢/ ٢٨١). وهذا يدل على أن حَميدًا -على ضعفِه- كان يضطربُ في إسنادِه؛ فمرةً يرويه عن أيمنَ، وأخرى عن الثوريِّ، وثالثةً عن ابنِ جُرَيجٍ، وهذا مما يزيدُه وروايتَه وهنًا على وهنٍ. والله أعلم. (١) أيمن بن نابلٍ مختلفٌ في توثيقه: فقد وثقه مطلقًا الثوري "تاريخ دمشق" (١٠/ ٥٣)، وابن معين (الدارمي/ ٧٥)، والترمذي "الجامع" (ح: ٩٠٣)، والعجلي "تهذيب التهذيب" (١/ ٣٤٥)، وابن عمار "تاريخ دمشق" (١٠/ ٥٤)، والحاكم "المستدرك" (١/ ٣٩٩)، وقال النسائي: "ليس به بأس" "السنن" (ح: ١٢٨١)، وقال ابن عدي: "لا بأس به" "الكامل" (١/ ٤٣٥). وقال ابن المديني: "ثقة، وليس بالقوي" (سؤالات ابن أبي شيبة/ ١٤٥)، وقال يعقوب بن شيبة: "صدوق، وإلى الضعف ما هو" "تاريخ دمشق" (١٠/ ٥٥)، وقال أبو حاتم: "شيخ" "الجرح" (٢/ ٣١٩)، وقال ابن حبان: "كان يخطئُ وينفرد بما لا يتابَعُ عليه … ، والذي عندي تَنَكُّبُ حديثِه عندَ الاحتجاجِ إلا ما وافقَ الثقاتِ أولى منَ الاحتجاجِ به" "المجروحين" (١/ ٢٠٧)، وقال الدارقطني: "ليس بالقوي" "سؤالات الحاكم" (١٨٧)، وقال الحافظ: "صدوق يهم". (٢) قال ابن معين: "هذا خطأ، الحديث حديث الليث بن سعد". "ابن الجنيد" (٢٨٠). وقال البخاري: "هو غيرُ محفوظٍ، هكذا يقول أيمنُ بنُ نابلٍ عن أبي الزبير عن جابرٍ، =