للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يسلمُ عن كذِبٍ وبُهْتان، ونِسْبَتُهُم إيَّاه إلى الرسول، مع عَدَمِ خِبرَتهم بالمَنقول، جازِمِينَ بإيرادِهَ، عازِمين على إعادَتِه وتَرْدادِه (١)، غافِلينَ عن تَحريمِه، إلا بعد ثبوتِه وتَفهيمِه، مِنْ حافظٍ مُتقنٍ في تَثْبيتِه.

بحيثُ كان ابنُ عمِّ المصطفى عليُّ بنُ أبي طالب، لا يَقبلُ الحديثَ إلا ممن حَلَفَ له (٢)، مِنْ قريبٍ أو مُناسب؛ لأنَّ الكذبَ عليه ، ليس كالكذبِ


(١) في الأصل: وترْديده، والتصويب من "ز" و"م" و"د".
(٢) رواه أبو داود في سننه (رقم ١٥٢١)، والترمذي في جامعه (رقم ٤٠٦)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٩/ ١٦٠ رقم ١٠١٧٨)، وابن ماجه في سننه (رقم ١٣٩٥)، وابن حبان في صحيحه (٢/ ٣٨٩ رقم ٦٢٣)، والضياء المقدسي في "المختارة" (١/ ٨٢ - ٨٧ رقم ٧ - ١١)، وغيرهم كلهم من طرقٍ عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن علي بن ربيعة الأسدي، عن أسماء بن الحكم الفَزَاري قال: سمعتُ عليًّا يقول: "كنتُ رجلًا إذا سمعتُ من رسول الله حديثًا نَفَعَني الله منه بما شاء أنْ يَنْفعَني، وإذا حدَّثني أحدٌ من أصحابه اسْتَحْلَفْتُه؛ فإذا حَلَفَ لي صَدَّقْتُه، قال: وحدَّثني أبو بكر، وصَدَقَ أبو بكر أنه قال: سمِعْتُ رسولَ الله يقول: "ما من عبدٍ يُذنِبُ ذنبًا فيُحِسُنُ الطّهور … " الحديث.
وأسماءُ بن الحكمِ الفَزاريُّ، وقيل السُّلَمي أبو حسَّان الكوفي، قال البخاري: لم يُروَ عنه إلا هذا الحديث وحديثٌ آخر لم يُتابَع عليه، وقد روى أصحابُ النبي بعضُهُم عن بعضٍ ولم يُحلِّفْ بعضُهُم بعضًا. "التاريخ الكبير" (٢/ ٥٤)، وقال العِجلي: كوفيٌّ تابعيٌّ ثقة. "الثقات" (١/ ٢٢٣ رقم ٨٤)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٤/ ٥٩) وقال: يخطئ. ومع هذا فقد خرَّج حديثه في صحيحه (٢/ ٣٨٩ رقم ٦٢٣)، وقال ابن حجر: صدوق. "التقريب" (٤٠٨).
وقد اخُتُلِفَ في رَفع هذا الحديثِ ووَقْفِه؛ ويُنظر لذلك: "جامع الترمذي" (الصلاة، باب ما جاء في الصلاة عند التوبة بعد حديث ٤٠٦)، و (التفسير، باب ومن سورة آل عمران بعد حديث ٣٠٠٦)، و"علل الدارقطني" (١/ ١٧٦).
والقدرُ المرفوعُ منه لا يُهِمُّنا هنا، وإنما الذي يُهِمُّنَا هو الاستحلافُ، وقد استَنْكَرَه البخاري، وحسَّنَ إسنادَه الترمذي، وصحَّحه ابنُ حبان، والضياءُ المقدسي، كما سبق، وقال ابن عدي: وهذا الحديث طريقه حسن، وأرجو أنْ يكون صحيحًا. "الكامل" (١/ ٤٣١)، وقال المِزيُّ: قلت: ما ذكره البخاري لا يَقدَحُ في صحةِ هذا الحديثِ ولا يُوجِبُ ضَعْفَه؛ أما كونه لم يُتابَعْ عليه، فليسَ شرطًا في صحةِ كلِّ حديثٍ صحيحٍ أنْ يكونَ لراويهِ مُتَابعٌ عليه … وأما ما أنكره من الاستحلاف، فليس فيه أنَّ كلَّ واحدٍ من الصحابةِ كان يَسْتَحْلِفُ من حدَّثَه عن النبي ، بل فيه =

<<  <  ج: ص:  >  >>