للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: لقد رفعنها الحماية عن مصر وصرحنا باستقلالها بموجب الصيحة التي كانت ذائعة يومئذ ونادينا في الوقت نفسه بقداسة المصالح البريطانية.

وطعن القدس "جوين وكدويدن" على مصر والإسلام وقال أن العلاقات بين حكومة المبشرين والإسلام على ما يرام، وقال أن تأسيس مركز قبوى للتبشير في السودان يحول دون انتشار النفوذ الإسلامي في الشمال.

كما هاجم الكاهن (لاكى) الإسلام في صحف بريطانيا وهاجم نظام الزواج الإسلامي كما هاجم الأزهر والقرآن وقد رد عليه الكاتب المصري المسيحى "قرياقص ميخائيل" فقال: أن ما نشره القس من معلومات خاطئة من أساسها وغير صحيحة. فهو اما أن يعرف ما يتحدث عنه وأما أنه بالغ في رواياته، فان الدين الإسلامي لا يسمح لأحد بأن يتزوج أكثر من أربع نسوة فكيف جعلهن لاكى ستا، فضلا عن أن تعدد الزوجات ليس مألوفا الا في جزء من المجتمع لا يقيم وزنا للخلق الكريم وفي وسعى أن أؤكد بأن يقولون صادقين أن تعدد الزوجات لا يسمح به الا في أحوال المسلمين استثنائية.

وقال قرياقص ميخائيل: أن الإسلام دين عظيم متمدن سمح بتعدد الزوجات تحت شروط معينة، وأن منزلة المرأة في مصر تزداد قوة واحتراما، وأن الكاهن مخطئ فيما ذكره عن الأزهر الشريف مركز الثقافة الإسلامية في العثلم وليس صحيحا ان القران الكريم هو المادة الوحيدة التي يدرسونها في هذه الجامعة بل يعكفون في الأزهر على التضلع في اللغة العربية والفقه ويتعلمون الحساب والتاريخ والطبيعة.

وقد لقيت هذه الحملات نقدا شديدا من الصحافة العربية وردودا مدعمة بالوثائق والأدلة من كتاب العالم العربي في هذه الفترة، ولم تنقطع هذه الحملات بل استمرت وتوالت، حتى لقد ذكر الدكتور عمر فروح في كتابة «التبشير والاستعمار» أن هذه الكتب بلغت عشرات الألوف، ومما لا شك فيه أن معظم هذه الكتب كانت حملات حاقدة طائشة وأن البقية القليلة منها لم تقم على أساس مذهب البحث العلمى الذي أبتدعه الغرب وباهى به وأنها غاب عليها هدف واضح محدد هو «التغريب» وخدمة الاستعمار ومحاولة الانتقاص من هذا الكيان العربي وتمزيقه وتحطيمه.

ولا يمنع هذا الحكم الذي يعم الكثرة الغالبة من استثناء قلة قليلة من الكتاب حاولت أن تنتصف للعرب وأن تذكر الحقيقة ولقد كان للفكر العربي الإسلامي دوره الواضح في هذه المرحلة، وعمله الايجابى الضخم أزاء هذه الحملات فقد واجهها في حكمة ومرونة وقدرة على ضبط النفس ويعد عن أساليب الهجاء أو الحقد.

وقد بلغ تجنى كتاب الغرب حدا جعل من المؤمنين بالغرب وكتاباته يهاجم تخبط كتاب الغرب في فهم بلاد لبنان هو فؤاد أقرام البستانى (مجلة المشرق مجلد ٧ ص ٩٣١) حيث يقول: أن الصحفى ربما يأتى ليراسل احدى الصحف الغربية فيتصل ببعض الفتيات الراقصات فتريه ما يشاء عن بلاد الشرق وتخبره بما يجول في مخيلتها من سيطرتها على بعض رجال الحكومة البارزين فيؤخذ الصحفى بكل هذا ويكتب أن حكومة البلد الفلانى تحكمها الراقصات ولذلك أصبحنا نقف موقف الربة والشك ازاء كل كتاب جديد عن بلادنا" ..

ولم يقف أمر الغربيين عن مهاجمة الأمة العربية بالكتب والصحف بل امتدت إلى الاذاعات والسينمائيات. فطالما عرضت دور السينما في مختلف عواصم أوربا أفلاما تمثل المصريين والعرب «فى هيئة مزرية قذرة متوحشة وكتبت تحت عبارات تقول أن «الإسلام هو السبب في جذب هذه الأمم إلى الوراء وأن تعاليمه التي قذفت بهم في احضان الهمجية والتوحش وشعائره هى التي أمرتهم بالكسل والخمول وحالت بينهم وبين الأخذ بأسباب المدنية الحاضرة» وذلك كما صورته عبارة الأمير شكيب أرسلان (مارس ١٩٣٢) فيما صور من المطاعن التي يوجهها الغربيون وقال «ان نظرة إلى القرآن وتاريخ النبى كفيلة بأن تظهر عملا أن ناشرى هذه الآراء السخيفة عن الإسلام من المنغمسين في بحار الجهالة بهذا الدين» وقال أن هذه ليست الحمالة الأولى من نوعها فان كثيرا من مشاهير الكتاب والمفكرين أمثال توربان وباسكان وجيترار وجانبيه ورنيان والدوق داركور وهانوتو وكازانوفا تنالوا الإسلام على هذا النحو وقد علقت جريدة الأهرام ٢٩/ ١/١٩٣٢ على مثل هذا العمل عن فيلم عرض في لندن وصف بأنه يتضمن وقاحة غريبة وقالت نقلا عن الديلى تلغراف: أن أكبر عدو لمصر هى السينما الأوربية فان رجالها يبحثون في مصر عن أخطر الأمور حتى يصوروا الأمة المصرية على أنها أمة همجية متوحشة ليس لها من التقاليد ما يضعها في صف الأمم الراقية. وقالت الاهرام أن أير أمة لا تخلو

<<  <   >  >>