الباحث من الكتاب. ومن أمثلته: أنه رتب أدلة العلو النقلية إلى واحد وعشرين دليلًا، ووضع كل دليل في فصل مستقل. وكذلك قسم أبواب مبحث التأويل تقسيمًا بديعًا متقنًا يستطيع القارئ بعناوينه أن يفهم محتوى ذلك المبحث أو الباب. ومن أمثلته في أول الكتاب أنه لما أراد أن يتكلم عن الطوائف ومذاهبها مهّد لها بمقدمة نافعة في التحكيم، ثم عرض آراء المذاهب مرتبة.
(٤) طول النفس في عرض الأقوال والمذاهب.
لا يلحظ القارئ أن المؤلف يقتضب أو يختصر اختصارًا مخلًّا أثناء عرضه للمسائل في المذهب الواحد. بل كل مسألة يسهب فيها، ويوضح الكلام عليها، ثم ينتقل إلى مابعدها. وهذا يدلّ على صبره وجلده رحمه الله، ولا سيما أنه يكتب نظمًا لا نثرًا، وبين كتابة النظم والنثر من الصعوبة فرق لا يخفى.
(٥) الأمانة والدقة في نسبة الأقوال والمذاهب.
إذا ذكر المؤلف مذهبًا فصّل الكلام عليه، ونسب كل جزئية من المذهب إلى قائلها. فلما تكلم على مذهب الاتحادية -على سبيل المثال- عرض المذهب بشكل عام، ثم أشار إلى كل جزئية من المذهب ومن قال بها. فذكر مسألة منه وأشار إلى أنها مذهب ابن عربي، ثم ذكر أخرى وأشار إلى أنها لابن سبعين، ثم ذكر ثالثة ونسبها إلى التلمساني، ولم يكتف بذلك بل ردّ على هذه الأقوال ردًا مفصلًا وقارن بينها. (الأبيات ٢٦٥ - ٢٨٨).