ذلك إنها ستكون أكثر الحكومات إدراكا ووعيا لحقيقة الموقف الأمريكي الرسمي والشعبي من الصراع الدائر في المنطقة. فنتنياهو تربى وتعلم في أمريكيا وعمل سفيراً لبلاده فيها، وتعرف خلال وجوده فيها عن قرب على التيار المسيحي الديني الداعم لإسرائيل، وسعى هذا التيار لتحقيق المشروع الصهيوني بكامله، انطلاقاً من إيمان أتباعه بنبوءات توراتية تعتبر إقامة إسرائيل وعودة اليهود إليها وبناء الهيكل مقدمات ضرورية لعودة المسيح الثانية، وبداية العصر الألفي السعيد حيث سيحكم المسيح العالم من مقره في القدس!! وانطلاقاً من إدراك نتنياهو لهذه الحقائق فقد حرص خلال عمله في أمريكيا وحتى بعد توليه رئاسة الوزراء على التقرب إلى هذا التيار والاجتماع بزعمائه ومؤيديه لكسب دعمهم وتأييدهم لكل ما يقوم به.
ففي الوقت الذي كان الجيش الإسرائيلي يتصدى بكل وحشية للمظاهرات العارمة التي اندلعت في فلسطين عام ١٩٩٦ م بسبب إقدام الحكومة الإسرائيلية على افتتاح نفق بالقرب من المسجد الأقصى، كان نتنياهو يحضر اجتماعاً لمئات المسيحيين البروتستانت أعضاء السفارة المسيحية الدولية في مدينة القدس، غير عابئ بالانتقادات الدولية لهذا القرار، حيث ألقى أمام المجتمعين خطاباً حماسياً مثيراً، أكد فيه انه لن يغلق النفق وان القدس ستظل العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل، حيث قوبل خطابه بالتصفيق الحاد والتهليل، وقام بعض القساوسة الحاضرين بمباركة نتنياهو، وامسك به أحدهم ووضع يده على رأسه وهو يرتدى القبعة اليهودية، واخذ يقرأ عليه الأدعية والابتهالات الإنجيلية داعياً الله أن يمده بالقوة للثبات على موقفه، وفي نفس الوقت كان جميع الحاضرين في القاعة يرددون كلمة آمين. وخلال هذا الاجتماع قام نتنياهو بإهداء المجتمعين مجسم لمدينة القدس خالي من أي اثر للمسجد الأقصى وقبة الصخرة، حيث وضع مكانهما مجسم للهيكل اليهودي.
ولسنا هنا في مجال سرد للوقائع والشواهد الكثيرة التي توضح اثر العامل الديني في كسب تعاطف المسيحيين البروتستانت، مع دولة إسرائيل وعدائهم لكل ما هو عربي وإسلامي، لأننا لو فعلنا ذلك سنكون بحاجة إلى عدة كتب لتسجيل ذلك. كما أننا لو أردنا متابعة الأحداث الجارية والتصريحات والشواهد اليومية الصادرة عن