للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخدامها في المصالح والاحتياجات. ويمكن أن نجعل الحوار منهجاً للتربية، وتكوين القناعات، وأسلوب الحركة الفكرية في التنشئة، وتهيئة الروح الموضوعية في مواجهة مسائل الخلاف، وفي تقبل الفكرة المضادة بطريقة عقلانية واقعية. فموضوع الحوار يرتبط بالتكوين الداخلي لشخصية الإنسان المسلم الذي يريد له الإسلام أن يفكر كيف يتعلم ويدعو الناس ويفتح قلوبهم وعقولهم على الحق والصواب، ولا بد من الحوار حتى تستمر الحياة في حالة الضعف أو القوة، وفي حالة الحرب أو السلم، فلا أحد يستطيع أن يستغني عنه مهما علا شأنه أو كانت قوته، فرداً كان أو مجموعة أو مجتمعاً أو دولة (١).

فالعالم المعاصر الذي يتسم بالتونع والتعددية، والذي يرتبط ببعض عبر آلاف من اقنية الاتصال، سيطرح أمام الوعي الديني حتماً مشكلات العلمنة وحوار الأديان. وهو ما اكده احد العلماء المسلمين، حيث قال: "ان قوة الاتصالات بالعالم المعاصر، ستفتح آفاقاً وإمكانيات عريضة لإدراك التقاليد الدينية المغايرة، الأمر الذي يجعل حوار الإسلام الجدي مع الديانات الأخرى في منتهى الأهمية والضرورة. ولهذا فإن مفكري الشرق الدينيين الأكثر عمقاً واطلاعاً يدركون بصورة أكبر فأكبر، ان بلوغ تدين أكثر ملاءمة واتستقاً مع الظروف العصرية الراهنة، يمكن ان يحدث فقط في شروط تؤمن التحرر من الكراهية الطائفية والشعور بالتفوق والتميز" (٢).

وبهذا تكون قضية الحوار هي إحدى الهموم الكبيرة للعاملين في الدعوة والتربية والتعليم والإعلام والسياسة والدبلوماسية والتجارة والتسويق، وتتزايد الحاجة إليه كأساس للثقافة والعمل والتعليم والعلاقات والتنظيم. ونلاحظ على سبيل المثال ازدهار البرامج الحوارية مع تنامي الفضائيات والإنترنت، حتى يكاد يكون الحوار هو السمة الأساسية للفضائيات والإنترنت، وتعتمد عليه تماماً مؤسسات التعليم عن بعد والتعليم المستمر، فمن دونه تفقد هذه البرامج جوهرها وجدواها (٣).


(١) المدنس والمقدس .. أميركا وراية الإرهاب الدولي-المؤلف: السيد محمد حسين فضل الله- عرض/إبراهيم غرايبة- الجزيرة نت
(٢) الإسلام والمسيحية من التنافس والتصادم إلى الحوار والتفاهم- تأليف اليكسي جورافسكي - ترجمة د. خلف محمد الجراد - ص٢١٢ - دار الفكر المعاصر - ط٢ ٢٠٠٠
(٣) المدنس والمقدس .. أميركا وراية الإرهاب الدولي-المؤلف: السيد محمد حسين فضل الله- عرض/إبراهيم غرايبة- الجزيرة نت

<<  <  ج: ص:  >  >>