للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البعض أن رفض القرآن لفكرة ألوهية المسيح وصلبه لن يؤدي إلى أي مصالحة تاريخية بين الديانتين وبالتالي فإنه لا مغزى للصورة الإيجابية عن المسيح في القرآن.

وبشكل عام يتناول النص القرآني قصص المسيح عبر أربعة أشكال أو مراحل، قصص مرحلة ولادة المسيح وما رافقها, وقصص المعجزات الخاصة به كإحياء الموتى وشفاء المرضى, وقصص الحوارات التي دارت بينه وبين الله, ثم الآيات الكثيرة التي توكد على بشريته وعبوديته لله. أما النصوص الورادة عن المسيح في الكتابات العربية والإسلامية فهي في مجملها مثيرة وتقدم معرفة رائدة وفريدة من نوعها، فيها نقرأ أحاديث منسوبة إلى السيد المسيح تنقل لنا عظمة حكمته وروحه الشفافة, ونقرأ قصصا عن رأفته بالناس ونبوته وتضحياته, وكلها تؤكد على بشريته انسجاماً مع الرؤية القرآنية والإسلامية له. والسيد المسيح يتبدى لنا عبداً لله, وليس بإله, وهي السمة الأبرز والأهم لـ"المسيح المسلم" (١).

وفي مقابل هذه النظره الايجابية تجاه المسيحيه والسيد المسيح، فاننا نجد نظره مغايره تماماً لدى المسيحيين تجاه الإسلام والرسول الكريم، حيث قوبلت المبادرة الحوارية للإسلام بذلك النوع من "الإنشاء الإيديولوجي" الذي نستطيع نعت تاريخه، باعتراف بعض الأوساط المسيحية المعاصرة، بأنه كان مجرد تاريخ للكذب على الإسلام (٢) الأمر الذي أضفى على ردود الفعل المسيحية القديمة طابعا أكثر عنفاً وأغزر إنشاءً وأبعد أثراً على المستوى النفسي والثقافي، مما شكل في الواقع عائقا أمام التفاهم بين الطرفين وحال دون الاشتراك في بناء حضارة إنسانية مشتركة. وحسب شهادة المستشرق المعاصر الكبير "يوسف فإن إيس" في كتاب صدر له سنة ١٩٧٨ "إن ما يسمعه المرء أو يقرؤه عن الإسلام في وسائل الإعلام الغربية [الحديثة] والطريقة التي يتحدث بها المثقفون في الغرب عموما عنه، لهو شيء مزعج جدا، مزعج بمعنى مزدوج: أولا بسبب المعلومات غير الصحيحة والآراء


(١) المسيح المسلم -تأليف د. طريف الخالدي- ط١ ٢٠٠١م - مطبعة جامعة هارفارد- المصدر: الجزيرة نت خدمة كمبردج بوك ريفيوز
(٢) - الإسلام والمسيحية- أليكسي جورافسكي- الكويت، عالم المعرفة، ط.١ نوفمبر ١٩٩٦، الفصل الثالث والرابع (ترجمة محمد الجراد).

<<  <  ج: ص:  >  >>