للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاف من الحرية الدينية، لم تكن من نصيبهم في أي بلد اوروبي، فخلال الحكم العثماني، لم تتخذ اية اجراءات رسمية تستحق الذكر، تناهض اليهود أو تميز بينهم وبين باقي السكان، كما كان الحال في معظم الدول الاوروبية ان لم يكن فيها كلها (١).

فقد عاش اليهود تحت الحكم العثماني بسلام لكنهم كانوا يلاقون دوماً في اوروبا الشرقية تمييزاً وكراهية قوية كانت تتفاقم من وقت لآخر لتنتهي بالمذابح (٢). وتؤكد (الموسوعة اليهودية) بان السلطان عبد الحميد الثاني عامل يهود الدولة العثمانية معاملة طيبة، ويشهد بذلك بعض المقربين اليه من اليهود امثال "ارمينيوس فامبري " الصديق الشخصي للسلطان الذي صرح: انه من خلال الصداقة المستمرة التي تربطني بالسلطان منذ سنوات طويلة كانت لي الفرصة للتعرف على معاملته الطيبة لليهود. وكان اول حاكم تركي يعطيهم المساواة امام القانون مع رعاياه المسلمين، وعندما استلم الحكم امر باعطاء رواتب شهرية لحاخام تركيا الاكبر وبمعنى آخر عامل الحاخام كما يعامل كبار موظفي الدولة واتخذ تقليداً بان يرسل سنوياً في عيد الفصح إلى حاخام القسطنطينية ثمانية آلاف فرنك لتوزع على فقراء اليهود في العاصمة التركية، وعندما منعت حكومة كريت المحلية في عام ١٨٨١م مشاركة اليهود في الانتخابات البلدية الغى عبد الحميد هذه الانتخابات ووبخ السلطات لتعديها على حقوق اليهود (٣).

ويعزو بعض المؤرخين (غير المسلمين) سبب بقاء اليهود على قيد الحياة إلى استضافة المسلمين وحمايتهم لهم. يقول ج. ه. جانسن في كتابه "الصهيونية واسرائيل وآسيا:" وفي مناسبتين من التاريخ اليهودي في اوروبا نرى ان بقاء اليهود على قيد الحياة يعود إلى استضافة وحماية الحكام المسلمين، كانت الفترة الأولى في القرن السادس عندما وضعت الفتوحات الإسلامية في اسبانيا حداً للاضطهاد اليهودي على يد المسيحيين هناك، ومنذ القرن العاشر فصاعداً أخذ الضغط على اليهود في اوروبا الغربية في الازدياد ببطء حتى إذا ما اطل القرن السادس عشر كانت تلك


(١) تاريخ الصهيونية- صبري جريس - الجزء الأول، ص ٦٠، م. ت. ف، مركز الابحاث، بيروت ١٩٨١م.
(٢) الصهيونية و إسرائيل وآسيا- ج. هـ. جانسن - ص١٦، مركز الابحاث، بيروت، ١٩٧٢م.
(٣) موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية (١٨٩٧ ـ١٩٠٩م) - حسان علي الحلاق- ص٣٠٩ ـ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>