الكبيرة والصغيرة بدءاً من انقسامات وصراعات القرن الرابع الميلادي، مروراً بحقبة سيطرة روما وبابويتها وعصر الاصلاح الديني البروتستنتي وانبعاث الفكر التوحيدي وتأسيس العلمانية السياسية ثم الاجتماعية وظهور التيارات المناوئة للكنيسة والدين كله وتتبع مسيرة البحث العلمي الذي عاد ينشد الحقيقة الأولى وصولاً إلى البحث العلمي في الالفية الثالثة (١).
وفي نفس الاطار حاول جارودي ان يلخص جذور هذه العلاقة بين الغرب والشرق حتى قبل الإسلام بوقت طويل حيث يقول: ان اتصال الاوربيين بالشرق العربي وارتباطهم به هو موقف ثابت في تاريخ اوروبا (ما عدا الحملات الصليبية وحركة الاستعمار وصنيعته الصهيونية) .. وهذا الموقف لا يعود إلى الموقع الجغرافي للشرق فحسب بل لان الغرب يستمد جذوره الروحية من الشرق. فالفلسفات التي سبقت سقراط قد نمت وتطورت في اسيا الصغرى حيث ولد تاليس وبارمينيد وزينون وهيرقليط وغيرهم. أما الانحسار فكان بسبب الحروب الميدية .. ثم راحت آسيا تمد ثانية العالم الهلنستي ليعطي ما اعطى من ديانات خلاصية بينما كانت افريقية ومصر على وجه الخصوص توحيان إلى فيثاغورس وافلاطون ما توحيان، اما الاسكندر في عبوره إلى الهند فقد تابع حلمه بأن يربط الهلنستية بحضارة آسيا. وحينما كان العالم الهلنستي يحتضر في قوقعة (المدنية) الآيله إلى الانهيار حاول الاسكندر ان يبدع عالماً جديداً .. وهكذا تلاقت - في اثناء عبوره الهند - فلسفة اليونان بحكمة الهند بينما راحت الاسكندرية في افريقية تتحول إلى اكبر مركز للاشعاع الروحي في كل منطقة البحر المتوسط على مفترق الطرق فيما بين آسيا وافريقية واوروبا المتوسطية.
وانطلاقاً من القدس في فلسطين وانطاكية في سورية والاسكندرية في مصر راحت تنتشر صوب الغرب الموجات المسيحية الأولى محملة برسالة عالمية شاملة. وفي الشرق الادنى انطلق (آباء الكنيسة) من كابادوقية (في تركيا اليوم) ومن انطاكية يبشرون بالعقيدة الجديدة كما بشر آباء الكنيسة من الاسكندرية (في مصر
(١) حوار الإسلام والغرب- تأليف د. عبد الله أبو عزة - جريدة اللواء الاثنين ١ ايار ٢٠٠٦ العدد رقم: ١٧٠٤