للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغربي أن يخسر الغرب مصالحه في بلاد المسلمين فقط، بل ربما اكثر من ذلك بكثير (١).

لقد شهد المسلون كيف أن الغرب يمارس نفاقه عن طريق دعوته للديمقراطية بينما هو يقوم بخلق ومساندة أقسي وأعنف الأنظمة الديكتاتورية في العالم في بلدانهم! وشهدوا أيضاً لهاث أوروبا وراء سوق مشتركة أدت إلي وحدة باسم الاتحاد الأوروبي بين دول تتكلم بلغات مختلفة وتعتنق معتقدات مختلفة وتتفاوت في تاريخها وثقافاتها. وفي حين خاضت معظم تلك الدول الأوروبية أسوأ الحروب العالمية فإن وحدتها من جديد كانت أمراً رغب به الغرب فتم ذلك. لكن الغرب لا يسمح باتحاد أو توحد العالم العربي أو المسلمين، ولا حتي بالقيام بأبسط التسويات أو التعديلات بين حدود دول العالم العربي الصغيرة ودويلاته التي رسم الغرب خارطتها بعد الحرب العالمية الأولي. لقد شاهد المسلمون بأم أعينهم كيف تتفاوت الثروة في مجتمعاتهم أكثر فأكثر، وأن مصادرهم الطبيعية وعائداتها تنتقل إلي أيدي القلة المتنفذة من أبناء جلدتهم والتي تسلمها بدورها إلي القلة الغربية علي هيئة ودائع يمكن أن تتعرض إلي التآكل أو التجميد أو، في أفضل الأحوال، إلي استثمارات تفضي إلي ثراء الآخرين بينما دولهم تصرخ بأعلي صوتها طلبا للاستثمارات والمشاريع (٢).

وفي ختام كتابه "الإسلام والغرب" يقول د. عبد الله ابو عزه: وما اود ان اقوله عن غذنا المشترك، فهو التذكير بأننا - عالم الإسلام وعالم الغرب- نعيش في بيت زجاجي، هذا الكوكب الصغير الذي يسمى بـ كرة الارض، والذي لم يعد يتحمل اى عبث. ان الاستناد إلى القوة والقهر في التعامل بين الشعوب لن يؤدى الا إلى خراب ودمار يصيب جميع السكان (٣). ومن هنا فإن الحاجة تتصاعد إلى طرح نموذج اسلام اوربي ليس لقدم المسلمين وتزايدهم المطرد في هذه القارة وحسب، بل لضرورات تتصل بالقضايا الكبرى التي تهم البقاء الانساني في هذه الأيام، فهناك دعوة جادة لتعميق الحوار بين الأديان، فعلى حد تعبير العلامة هانس كنغ في كتابه القيم


(١) الإسلام .. والغرب .. وإمكانية الحوار -ابراهيم محمد جواد
(٢) امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم- القدس العربي- ٣/ ٢/٢٠٠٣
(٣) حوار الإسلام والغرب- تأليف د. عبد الله أبو عزة- ص٢٨٧ - دار المأمون للنشر والتوزيع في عمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>