للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجموعات فسيفسائية ولوبيات متناحرة، فضلا عن تسارع وتيرة نمو قوى العنف والتدمير التي تهدد مصير البشرية (١).

فها نحن نرى كيف ان العولمة الأميركية تأخذ أشكالاً متقدمة ولاسيما على الصعيدين السياسي والعسكري, إذ أصبح من الواضح أن أميركا تريد فرض عولمتها على العالم ولو بقوة السلاح, مما جعل الجميع يشعر بأن الهيمنة والظلم والاجرام والوحشية الأمريكية هى كابوس نتطلع إلى يوم الخلاص من وطأته والانعتاق من أسره في يوم من الايام ومن هنا يبدو حوار الحضارات بديلاً مهماً لهذه العولمة البشعة التي تريد أن تصبغ العالم بلون واحد، وهذا ما دعا كثير من المفكرين، إلى الدعوة إلى وجوب ترسيخ مبدأ حوار الحضارات والأديان، على اسس الايمان بوحدة النسيج الانساني، وتكامله في مواجهة من يعتقد بمبدأ التسلط الثقافي والفكري لدرجة نفي الاخرين وتهميش وجودهم.

لقد حان الوقت للحوار بين الثقافات، لو أراد الإنسان أن يعبر دون أن يموت، العتبة الثالثة من تاريخه ... العتبة الأولى كانت ولادة الإنسان وإرادته الأوليه التي ساعدته على مواجهة الحياة ... الثانية كانت ولادة الحضارة مع الزراعه ... الثالثة تتلاعب بالنواة والذره وقلب المادة ومن سماتها هذا التلاعب في الجينات الذي هو قلب الحياة. فقد اصبح الآن للانسان القدرة على إلغاء كل إنجازاته ومكاسبه السابقه، وله أيضا القدرة التكنيكية عبر سيطرته على الذرة أن ينهي أي اثر للحياة على الارض. لقد قادت أحلام احتواء الطبيعة لديكارت وفاوست إلى انهيار العالم وإهدار غالبية الطاقات الطبيعية، وقادت نظريات وعقائد آدم سميث إلى تحويل الإنسان إلى رجل آلى خاو يتلاعب بالعقول والقلوب، هذا بالرغم من ان هناك حضارات أخرى تلك التي في آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا والإسلام، عاشت على أسس علاقات أخرى مع الطبيعة والإنسان والله - (الإلهي) فالمشكلات المطروحة في إطار كوكبي تتطلب إجابة في إطار كوكبي (٢).


(١) حوار الحضارات والثقافات: رؤية في حوار الحضارات وصراع الأمم- بقلم الحسين ولد مدو.
(٢) أمريكيا طليعة الإنحطاط- روجيه جارودى-ص ١٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>