للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي اعتقادنا وتقديرنا ان الحوار والالتقاء بين كل من آمن بالله واليوم الآخر سوف يؤدي- بكل تأكيد- إلى ان يصبح الايمان اكثر عمقاً واقوى ازدهاراً واكثر كثافة وضياء، سواء بين الناس والشعوب والامم من جهة، أو بين الدول والمؤسسات العامة والخاصة، الحكومية وغير الحكومية من جهة اخرى. وغني عن القول - وكلنا يعرف تماماً تلك الحقيقة المرة- انه، وحتى يومنا هذا، لا يزال اكثر من نصف سكان الارض، لا يعرفون من هو اله ابراهيم ولا يؤمنون بالاله الكائن الاعلى، الخالق، الديان. ومن ما لا شك فيه ان اي اسهام في عملية التغذية وحركة الدعم لتيار الفهم والتفهم بين سائر المؤمنين بالله الكائن الخالق، الديان، يعتبر عملاً ايجابياً خيراً، وجهداً بناءً مباركاً. فالمؤمنين، كل المؤمنين، اكانوا يهوداً ام مسيحيين أو مسلمين، عليهم ان يبذلوا جملة من المساعي والاهتمامات في سبيل الوصول إلى احياء تلك "الورشة القديمة- الحديثة" وتنشيطها. ورشة المشاركة والحوار بين كل مؤمن ومؤمن آخر من هؤلاء الذين اهتدوا إلى وجود الصانع الازلي. وهذا الاسهام المطلوب والمسعى المرجو اللذين نتحدث عنهما، لا بد لهما، مهما كان حجمها محدوداً، ورقعة اتساعها ضيقة، من ان يأتيا- إذا ما قاما على المثابرة وطول الاناة- بثمار يانعة ناضجة خيرة (١).

ان حقيقة ما نواجهه ليس صراع حضارات، بل هو صراع بين الحضارة الانسانية، والهجمة الدونية التى اختارت المال والذهب كرب خاص لها، وجعلت منه عصب الحياه في هذا الزمان اللانسانى (٢). ولهذا لن تحل المشكلات التي تواجه البشرية الآن إلا إذا توجهنا وتوصلنا إلى إعادة تكوين النسيج الإنساني المخرب والمدمر بأربعة قرون من الاستعمار والهيمنة الغربية ولن نحلها إلا إذا توجهنا لتطوير حوار حقيقي للحضارات بين كل ثقافات العالم. ان النقطة الرئيسيه في الحضارة الغربية وعلى رأسها الأمريكية هي افتقادها لاي روح، فليس لديها أي مشروع جماعي من اجل مستقبل الانسان، اللهم الا تطوير انتاجها واستهلاكها اعتمادا على


(١) محاور الالتقاء ومحاور الافتراق بين المسيحية والإسلام - غسان سليم سالم- ص ٦ - دار الطليعة -بيروت - ط١ ٢٠٠٤
(٢) صهيونية الخزر وصراع الحضارات - وليد محمد على ص٢٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>